أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

عن سينما بشاشة قاتمة

Monday 12 February 2024 الساعة 04:56 pm

يكتب الأستاذ عبدالرحمن أحمد عبده عن صناعة السينما في اليمن. في مجلة الناصية العدد الرابع ديسمبر/ كانون الأول 2023 وهي مجلة فصلية تُعنى بقضايا الفكر والثقافة- تصدر في عدن عن مؤسسة أمجد الثقافية والحقوقية. 

يذهب إلى استعراض تاريخ السينما في عدن. يقول: خلال النصف الأول من ستينيات القرن الماضي أنجز جعفر محمد علي فليمه السينمائي الروائي وحمل عنوان "من الكوخ إلى القصر". وعرض جماهيرياً في مسرح البادري 1965 وعد بذلك أول فيلم سينمائي في اليمن. 

ومن البداية إلى النهاية يؤكد في مقاله أن صناعة السينما اعتمدت على الإنتاج الفردي ولم ترق إلى مستوى الإنتاج المؤسسي ولا غير تجربة عمرو جمال الفردية وجهود د. سمير العفيف. 

وخلال المرحلة فيلم منذ من الكوخ إلى القصر _المرهقون 1965_2023

يؤكد أن الأعمال السينمائية ذات كلفة عالية وباهظة وخاصة فيما يتعلق بالأفلام الروائية ما يعني وجود شركات إنتاج سينمائي كبيرة. 

واللافت تاريخياً أن اليمنيين عرفوا السينما في وقت مبكر من القرن الماضي في عدن 1918 عندما شاهد جمهور المدينة لأول مرة العروض السينمائية في دار عرض في حافة القطيع بمدينة كريتر، وكانت العروض للأفلام الهندية بحكم أن الحافة بدرجة أساسية تميزت بسكن الجالية الهندية أو الأسر ذات الأصول الهندية. وكان أول عرض سينمائي عالمي عرض في باريس 1895 لتظهر في عدن سينما "هريكن" التي أسسها طه مستر حمود الذي يعتبر ملك السينما في عدن بحكم أنه امتلك دور عرض مختلفة في عدن. 

وهذا يقود كاتب المقال إلى الغوص في عميق المأساة التي ينثرها في سطوره، إذ يقول: تجدر الإشارة إلى أن البداية الحقيقية والصحيحة في مجال الإنتاج السينمائي كانت مع إنشاء المؤسسة العامة للسينما في جنوب اليمن 1972، وتزامن ذلك مع إيفاد عدد من الطلاب والشباب لدراسة السينما بجميع تخصصاتها، وأنجزت المؤسسة 45 فيلماً تسجيلياً وعدداً من المجلات السينمائية مستعينة بخبرات عربية فلسطينية وعراقية، وعرضت بعض الأفلام الوثائقية في دور السينما في المحافظات وشاركت بعضها في مهرجانات دولية بفئة الأفلام الوثائقية والتسجيلية وحصلت على جوائز مهمة. 

خلال ثمانينيات القرن الماضي حضرت المؤسسة العامة للسينما في عدن لإنتاج فيلم روائي للتوثيق لثورة أكتوبر وجاء عدد من الفنانين العرب وبعض ممثلي السينما من الاتحاد السوفييتي، ولكن تعثر الأمر بسبب وضع البلاد حينها، فيما طرحت فكرة لإنتاج فيلم عن "الرهينة" للكاتب زيد مطيع دماج وكان المفترض أن يخرجه المخرج المصري الشهير صلاح أبو سيف والذي وصل وآخرين إلى عدن. إلا أنه لم يتحقق شيء يذكر. 

وآخر جهود المؤسسة قبل 1990 الحصول على موافقة الحكومة بمنح المؤسسة أرضية واسعة في العريش ضواحي عدن لإنشاء مدينة إنتاج سينمائي. 

وكان النصف الأول للتسعينيات بداية الانهيار للدور الرسمي تجاه السينما وبعد حرب صيف 94 حدثت هجمة من نوع آخر: التطرف الديني ضد الفنون جميعها مما أدى إلى إغلاق دور العرض.

هرب الرفاق من إنتاج وتائقي عن أكتوبر وذهبوا لإنتاج فيلم الرهينة، وهذه الرهينة التي رهنت البلاد ستين عاماً وما زالت تستجر الرهينة والرهائن الذين يدفعهم الولاء وبيت الطاعة ليصبح شيخ ضمان. 

وبذلك يسدل الستار على مجمل نوافذ الحياة ويفتح الباب على مصراعيه أمام مسرح مفتوح للصراع والاقتتال والاحتراب مما يفاقم حاجة البلاد إلى عدسات متقدمة لتوثيق مشاهد وفظائع الحرب وحجم الدمار الاجتماعي وتمزق النسيج وتهتك مشاعر التعايش وبروز ظواهر تشكل أفلام رعب تتالى هنا وهناك. 

يعود العالم بطائرات الدرونز والبوارج والأساطيل العملاقة بالقرب من مضيق باب المندب حيث تعبر 70% من تجارة العالم بينما مليشيا الحوثي التي تتلقى السلاح والدعم والمساندة والإحداثيات من قبل الأجهزة الإيرانية التي تعبث بأمن الملاحة وتهدد بتوقفها من خلال إنتاج أفلام يومية تتمثل في استهداف السفن التجارية في المياه الدولية. 

وبهذا لم تعد البلاد بحاجة لدور سينما وخشبة مسرح ونحن لدينا متحف للهياكل التي ما زالت تمسرح الواقع وتنتج قصصاً وروايات عالمية استدعت تدخل البحرية الأمريكية والبريطانية ومؤخراً الأوروبية. 

يقف مجلس الأمن في المقاعد الأمامية يتابع عن كثب بينما المبعوث الأممي كما لو كان المخرج ولديه ثلاثة إلى أربعة مساعدي مخرج ومدير إنتاج عبارة عن ثلاثة مبعوثين لدول ضمن الدول العشر الراعية لمهرجان الازدهار الذي ينضم إليه عدد من القطع البحرية من غرب إلى شرق وارسو في ظل عجز أممي عن توفير ذخيرة وذخائر قادرة على كبح ولجم تشظيات "استكهولم" التي كبلت الشرعية والتحالف العربي ومن ثم التحالف الدولي لوقف تداعيات القرصنة البحرية التي يشنها الكهف الذي تؤمّن له الأمم المتحدة تهريب السلاح عبر موانئ الحديدة تحت بند ممرات إنسانية بينما يفرض طوقاً عسكرياً على تعز الواقع نطاقها الساحلي المضيق. 

قراءة للمشهد السينمائي الذي ينتج عمليات عسكرية متبادلة وإخباريات ترشح وتتكاثف عن استهداف قوات الردع الصاروخية للمليشيا لسفن تدعي أنها إسرائيلية، وعلى الاتجاه الآخر تذيع المتحدثة باسم الازدهار أنها أطلقت عدداً من الكروز واستهدفت زوارق مفخخة وأصابت مواقع إطلاق شائعات وتقليعات. 

حرب مفتوحة وشاشة بحرية قاتمة تمتد وتتمدد و"سينما البجدش دافي" وهذه سينما لرسام الكاريكاتير المبدع محمد الشيباني..