أحمد نويهي

أحمد نويهي

تابعنى على

الأغنيات.. أناشيد السماء

Wednesday 22 November 2023 الساعة 04:47 pm

"عشت إيماني وحبي أمميا". وهذا النشيد الهوى والهوية..

 صَار صَدى وترجيع ملء المَدى تَرجيع تَعزفه الحقول، تموسقه النفوس، حين يصطخب على الشفاه تزيغ العقول، كما لو يَحدث التَجليِ لسماوات فيها الروح تَدلى وارتقى. 

 الاغنيات أحجيات، تمائم، معوذات، حروز محبة. 

الاغنية إيقاع الحياة، سِر الوجود، ترانيم السماء.

 تحضر لتغدو القوة الضاربة والصوت الذي أدمى الكهنوت حين حَرمت وجَرمت الإمامة والجلبة الكهنوتية الغناء والطرب، نشرت الفاحشة في أهل الفن والطرب.. اغلقت البلاد شمالاً في دياجير العُزلة والظلام تحت سِياط الإرهاب الديني المتشدد والمتطرف والمتزمت.. 

حضرت الأغنية مع الجَمَال والقوافل التي سارت باتجاه عدة مدن وحواضر وحواضن وبلود وبلدان.. 

خلخلت حركة القوافل كساد وفساد نشرته العمائم التي تتسيد المشهد.

شَكلت القافلة جُسور تُواصل امتدت لتتخطى حدود المحلية لتركض في الخيال إلى أقصى الأرض هاجروا، البعض استقر بهم المقام ولم يعد ليعيد تشكيل ذاته وقد ذوبت المدن ملامح ولهجات وقد اختلطت الجينات، حدث تلاقح وامتزجت لغات وجهات وحضارات.. الأغنية عابرة للجهات والعرقيات والحدود والإثنيات، تصبح قاسما إنسانيا مشتركا وهذا المشترك هو الأساس الذي يُرسخ مداميك التعايش الخلاق وينتج التنوع والتعدد والاختلاف. 

تؤسس الأغنية لفكر يوقد في الضلوع إذ أصبحت هاجسا وموالا ومشاعر  واحاسيس تتدفق في الخيال والمخيال.. 

الاغنية.. مود ومد ومدى ومدار وامتداد باعث على الحزن والشوق والامنيات، ملاذ ومهوى ومقصد ومربد يتدفق من دواخل النفوس، من انعتاق الروح المَحكوم في متاهات أغوارها القاصية في اللانهايات. 

وكيف لا يكون العود والوتر والشُبابة والربابة اكسيرا يداوي مواطن الألم بالنغم.. 

تراتيل ومقامات تبقى الإنسان وترقى بمفاهيم الحياة التي يرجوها ويريد.

كانت الاغنية تحضر في حياة الشعوب كما لو كانت اكسيرا يرقى بالروح معارج السمو واليقين.. 

صار للشعوب اناشيد تبث الهوية حين صارت نشيدا للتعارف والتميز كما لو يغدو عنوانا ورمزية حصرية لا يجوز المساس بفاصلة او حرف حفره الشاعر على نقش جدار فرعوني وربما نقشه مُحارب بالكلمة والموقف المنحاز، كان يشبه علي بن علي صبرة حينما توهج بخياله معبد الشمس فسار يسابق الصحو قبل البكور والغباشش يسابق الضحى. 

"سَل النجوم التي كنا نساريها     شوقاً إلى الفجر كم بُتنا نناجِيها".