من مواطنين إلى "فقراء ومساكين".. المليشيا الإمامية تجاهر بانتقاص مواطنة اليمنيين

تقارير - Tuesday 09 January 2024 الساعة 11:43 am
تعز، نيوزيمن، خاص:

لا تخجل مليشيا الحوثي من ممارساتها الطائفية والطبقية بحق الشعب اليمني، وهو ما يظهر في الكثير من سلوكياتها وأدبياتها الإدارية والإعلامية، ويذكّر اليمنيون بممارسات نظام الكهنوت الإمامي الذي عانى منه آباؤهم وأجدادهم حتى منتصف القرن العشرين.

استمرارا في هذا النهج الاستعلائي على المواطنة اليمنية، نظمت مؤخراً الإدارة المعيّنة من قبل المليشيا الحوثية لهيئة المستشفى الجمهوري بصنعاء، مؤتمراً صحفيا في ما قالت إنه عرض لتقرير الخدمات الطبية التي قدمها المستشفى لمن وصفتهم بـ"الفقراء والمساكين" خلال الربع الأخير من العام الماضي 2023. 

لا يخفى الطابع الترويجي في هذا المؤتمر الصحفي لسلطات المليشيا الإمامية التي انقلبت على سلطة الدولة التي كانت تعامل جميع أفراد الشعب اليمني تحت مسمى "مواطنين" بغض النظر عن مستواهم المعيشي، وتصف الفقراء بذوي الدخل المحدود وغيره من الأوصاف التي لا تجرح شعور المواطنة. هذا الطابع الترويجي تبرزه وسائل إعلام المليشيا بفخر كون المستشفى الجمهوري بصنعاء أصبح "مستشفى مجانيا للفقراء والمساكين" بناءً على توجيهات زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي ورئيس ما يسمى بالمجلس السياسي التابع لها مهدي المشاط، وكلاهما يجاهران أيضاً بانتقاص المواطنة اليمنية بمسمى "الفقراء والمساكين" في توجيهاتهما وخطاباتهما. وإذا كان هذا هو حال رأس الجماعة، فكيف بذيلها!!

هذه التوجيهات المخزية صدرت في سبتمبر الماضي، بالتزامن مع الذكرى السنوية للانقلاب الحوثي في محاولة من سلطة المليشيا للترويج لهذا الانقلاب الذي تسميه "ثورة"، لكن ردّ اليمنيين على ذلك جاء بعد أيام فقط من تلك التوجيهات بخروج حشود من المواطنين في صنعاء، احتفالاً بثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة 1962، التي أطاحت بنظام الإمامة الكهنوتي.

وحينها كادت مظاهر الاحتفال بالثورة السبتمبرية الأصلية من قبل تلك الحشود الشعبية أن تتحول إلى مظاهرات عارمة، لولا أن المليشيا سارعت إلى قمع المحتفلين واختطاف المئات منهم وابتزازهم باتهامات موالاة الحكومة الشرعية. وأحبطت تلك المظاهر الاحتفالية رغم عفويتها ما توعد به زعيم الجماعة من "تغييرات جذرية" حسب وصفه، في بنية مؤسسات الدولة، لتلجأ بعد ذلك الجماعة إلى إعلان إقالة حكومة بن حبتور التابعة لها، وهي إقالة شكلية مثل قرار تعيينها، ثم ترك أعضاء الحكومة نفسها في مناصبهم مع وصفها بحكومة "تسيير أعمال"، والترويج لهذا الإجراء بأنه ضمن "التغييرات الجذرية" المزعومة.

تلك التوجيهات التي تنتقص من المواطنة المتساوية لجميع اليمنيين، حتى وإن كانت مساواة شكلية، كانت أيضاً ضمن التلفيقات "الجذرية" لرفع الحرج عن زعيم الجماعة الذي أفادت المعلومات حينها أنه كان يخطط لتغيير نظام الحكم الجمهوري، بكل ما في ذلك من جرأة على الإرادة الشعبية التي لفظت الإمامة ومخلفاتها وسترفض عودتها جيلاً بعد جيل. 

وفي هذا المؤتمر الصحفي بدا أن قادة ونشطاء الحوثيين لم يسأموا بعد من تلفيق "تغييرات جذرية" لزعيمهم، حيث وصف المعيّن في منصب رئيس هيئة المستشفى الجمهوري التعليمي، التحويل المزعوم للمستشفى إلى "مستشفى مجاني" يعتبر "تغييراً جذرياً للقطاع الصحي"، حد زعمه، مكرراً وصف المرضى من المواطنين ذوي الدخل المحدود والمنعدم بـ"الفقراء والمساكين" دون الإشارة إلى مواطنتهم التي تحتّم على أي سلطات أن تقدم لهم الخدمات مجاناً ضمن حقوق المواطنة.