خبراء يمنيون وأجانب: طرد الحوثيين من الحديدة السبيل الوحيد لاستعادة الهدوء في البحر الأحمر

تقارير - Monday 08 January 2024 الساعة 11:12 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

أفاد خبراء يمنيون وأجانب في تحليلات سياسية جمعها موقع قناة بلومبيرغ الأمريكية، بأن السبيل الوحيد لاستعادة الهدوء إلى البحر الأحمر هو "طرد" مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، من مدينة الحديدة الساحلية.

ومنذ أكثر من شهرين تحاول الولايات المتحدة الأمريكية حشد تحالف دولي لحماية السفن التجارية المارة قبالة السواحل اليمنية في البحر الأحمر من هجمات مليشيا الحوثي التي تدعي أنها تنفذ هذه الهجمات على السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى إسرائيل، في الوقت الذي تبرر هجماتها على السفن غير المرتبطة بإسرائيل بأن الأخيرة تموه سفنها بأعلام دول أخرى. لكن ما تلبث هوية السفن ووجهاتها الحقيقية أن تعرّي مزاعم المليشيا.

ومنذ أسابيع تحذر أمريكا المليشيا الحوثية من أنها ستواجه ردعاً قوياً إذا لم توقف هجماتها على السفن التجارية، لكنها لم تنفذ أي خطوة في هذا الجانب باستثناء استهداف ثلاثة زوارق حوثية اقتربت من إحدى السفن وحاول المسلحون الذين كانوا على متنها احتجاز السفينة.

ومطلع الأسبوع الجاري جددت واشنطن وعشرات الدول تحذيرها من أن الحوثيين، ذراع إيران، "سيتحملون مسؤولية العواقب" إذا استمروا في هجماتهم في شريان التجارة البحرية الحيوي.  

وفسر العديد من الخبراء العسكريين والبحريين الذين أجرت "بلومبرغ" مقابلات معهم، هذا الأمر على أنه تهديد بضربات وشيكة ضد الجماعة، على الرغم من أن مثل هذه الخطوة تنطوي على خطر جعل الأمور أسوأ في المنطقة التي تقول واشنطن إنها لا تريد توسيع الصراع فيها، رغم استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في حربها غير المتكافئة ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. 

وبحسب الخبراء تشمل تحديات ردع الحوثيين عسكرياً احتمال حدوث المزيد من عدم الاستقرار الإقليمي، مع تصاعد التوترات بالفعل؛ بسبب حرب إسرائيل على غزة، وأن الرئيس الأميركي جو بايدن يأخذ بالاعتبار أيضاً تأثير الصراع خلال عام الانتخابات التي سيخوضها. 

ونقلت القناة عن نيك تشايلدز، وهو زميل بارز لشؤون القوات البحرية والأمن البحري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أنه في ضوء الحوادث التي تعرضت لها سفن في البحر الأحمر والمنطقة الأوسع في الأسابيع الأخيرة، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها "اختيار الخيارات المبررة، والتي تستهدف قدرة الحوثيين على مواصلة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر مع تجنب التورط في صراع إقليمي". 

ووفقاً لأكثر من عشرة أشخاص قابلتهم "بلومبرغ" بمن فيهم خبراء في الشأن اليمني، والشحن والدفاع والأمن، تشمل هذه الخيارات ما يلي:

ضربات مستهدفة 

ستركز هذه الضربات على القضاء على قدرة الحوثيين على إطلاق الصواريخ الباليستية على السفن وممرات الشحن أو إضعافها من خلال ضرب مواقع الإطلاق والرادارات ومستودعات الصواريخ وغيرها من البنى التحتية الداعمة والخدمات اللوجستية.

 ومنذ منتصف نوفمبر الماضي، أطلق الحوثيون أكثر من 100 طائرة مسيرة وصاروخ باليستي في 20 هجوماً منفصلاً، وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون". وتم استهداف أكثر من 15 سفينة. 

ومع ذلك، فإن هذا النهج يترك للحوثيين وسائل أخرى مثل: الطائرات المسيرة والألغام البحرية والزوارق السريعة الهجومية، في حين يخاطرون بتصعيد الوضع أكثر، أي تصعيد المعركة مع المسلحين الحوثيين التي يمكن أن تجذب داعميهم الإيرانيين، بحسب "بلومبرغ". 

هجوم كبير 

وتُفضل معظم الأطراف اليمنية التي تقاتل المليشيا الحوثية منذ سيطرة الأخيرة على صنعاء قبل ما يقرب من عقد من الزمان، انتقاماً قوياً.  

ويشمل ذلك إعادة تصنيف الحوثيين كإرهابيين، واستهداف مواردهم المالية، وشن عمل عسكري أوسع إذا لزم الأمر. ويقول بعض الخبراء: إن طرد الحوثيين من مدينة الحديدة الساحلية هو السبيل الوحيد لإعادة الهدوء إلى البحر الأحمر.

وبحسب "بلومبرغ"، يجب أن يشمل أي عمل عسكري كبير ضد الحوثيين، الداعمين الإقليميين الرئيسيين لمجلس القيادة الرئاسي وهما السعودية والإمارات. وفي الوقت الحالي، لا ترغب الدولتان، وخاصة الرياض، في إعادة إشعال الصراع الذي كانتا تبذلان قصارى جهدهما لإطفائه. 

مرافقة السفن 

وثمة خيار آخر يتمثل في توسيع تفويض عملية "حارس الازدهار" بشكل كبير، وهي عملية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة بدأت في ديسمبر الماضي، لتشمل مرافقة السفن في المنطقة الواقعة بين خليج عدن والقسم الجنوبي من البحر الأحمر، على غرار ما فعله حلف شمال الأطلسي "الناتو" قبل 15 عاماً في ذروة أزمة القراصنة الصوماليين. 

ولكن على عكس القراصنة الصوماليين، يمتلك الحوثيون موارد عسكرية كبيرة والمنطقة التي يهددونها شاسعة نسبياً، لذلك سيتطلب ذلك عدداً كبيراً من السفن الحربية المزودة بأنظمة دفاع جوي متقدمة.  

كما أن العديد من الدول، وخاصة العربية الإقليمية، مترددة في الانضمام نظراً لادعاءات الحوثيين بأن هجماتهم تأتي تضامنا مع الفلسطينيين في غزة، وفقاً لتشايلدز من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.

 وتشكل الخدمات اللوجستية، مهمة شاقة أيضاً. وهناك في المتوسط حوالي 250 سفينة تعبر البحر الأحمر في أي لحظة، وسيتعين على شركات الشحن القيام بتخطيط وتنسيق كبيرين للوصول إلى قوافل المرافقة، حسبما ما قال آمي دانيال، الرئيس التنفيذي لشركة Winward، وهي شركة ذكاء اصطناعي بحرية. 

حلول دبلوماسية

يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يحذوا حذو السعودية، التي عملت بجد لإقناع الحوثيين بالالتزام بوقف دائم لإطلاق النار وخطة سلام تشرف عليها الأمم المتحدة من خلال تقديم حوافز مالية. 

لكن ماجد المذحجي، مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، يقول إن المشكلة هي أن تصرفات الحوثيين في البحر الأحمر كشفت عن القيود الشديدة لـ"مفهوم الاستقرار" الذي سعى السعوديون إلى صياغته مع الجماعة. 

وعلى عكس السعودية، فإن الولايات المتحدة لديها اعتبارات أخرى. 

ويقول توربيورن سولتفيدت، المحلل الرئيسي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة Verisk Maplecroft ومقرها لندن: إن هجمات الحوثيين كانت "إلى حد ما بمثابة ضربة للنظام الذي تقوده الولايات المتحدة للحفاظ على البحار المفتوحة الذي كان موجوداً منذ عقود".