من طهران ولبنان إلى البحر الأحمر.. ضربات مؤلمة لمحور "الصبر الاستراتيجي"

تقارير - Wednesday 03 January 2024 الساعة 09:29 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

في آخر تحديث، أعلنت هيئة الطوارئ الإيرانية ارتفاع حصيلة قتلى الانفجارين قرب ضريح القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في محافظة كرمان جنوبي إيران إلى 188 قتيلاً و170 جريحاً.

ووقع الانفجاران، اللذان لم يكشف عن تفاصيلهما حتى اللحظة، وسط حشود من الإيرانيين كانوا يستعدون لإحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قاسم سليماني بضربة جوية أمريكية في العراق عام 2020م.

في حين أشارت تقارير إعلامية، نقلاً عن مصادر بالمعارضة الإيرانية، إلى أن الانفجارين كانا يستهدفان قيادات بارزة بالنظام الإيراني كان من المتوقع حضورها إلى المكان وعلى رأسها الرئيس الإيراني وقائد فيلق القدس الذي حل محل سليماني.

المسئولون الإيرانيون سارعوا إلى وصف الحادثة بأنها عمل إرهابي واتهام إسرائيل بالوقوف خلفها، بحسب تصريح نائب الرئيس الإيراني محمد مخبر، الذي قال إن الدماء "أريقت في كرمان على يد عملاء الكيان الصهيوني وداعميه".

وكرر النظام الإيراني تهديداته المعتادة مع كل استهداف يتعرض له بالرد، حيث قال وزير داخليته أحمد وحيدي بأن "الرد على الهجوم الإرهابي في كرمان سيكون ساحقا، وفي أقرب وقت"، في حين توعد رأس النظام الرئيس إبراهيم رئيسي "بالانتقام ممن يقفون خلف الهجوم الإرهابي في كرمان". 

الوعيد الإيراني بالرد على الحادثة يعيد التذكير بما أطلقه النظام من تهديدات بالانتقام من الولايات المتحدة الأمريكية على اغتيال قاسم سليماني الذي كان يُوصف بكونه ثاني أهم رجل بالنظام بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، دون تنفيذ لهذه التهديدات.

كما أن الحادثة تأتي بعد أسبوع من اغتيال إسرائيل لأبزر مستشاري سليماني في قيادة الحرس الثوري الإيراني المدعو رضا موسوي، جراء قصف بطيران مُسير استهدفه في منطقة السيدة زينب بالعاصمة السورية دمشق، حيث كررت إيران عقب الحادثة تهديداتها بالرد.

وذات الحال ينطبق على أذرع النظام الإيراني بالمنطقة والتي تعرضت في الأيام الماضية لضربات مؤلمة من قبل إسرائيل وأمريكا، وكررت معها تهديداتها الكلامية بالرد في محاولة للتغطية على عجزها في تنفيذ ذلك.

فحادثة كرمان جاءت بعد نحو 12 ساعة على عملية الاغتيال التي نفذتها إسرائيل بالعاصمة اللبنانية بيروت واستهدفت نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في منطقة الضاحية الجنوبية والتي تعد معقلاً لحزب الله الذراع الأبرز للنظام الإيراني بالمنطقة.

ووفق التقارير الإعلامية، فقد جاء اغتيال العاروري في شقة بالضاحية الجنوبية، أمس الثلاثاء، قبل ساعات فقط من لقاء كان من المتوقع أن يجمعه مع أمين عام مليشيا حزب الله حسن نصر الله، وهو ما فجر اتهامات من قبل أنصار حماس وجماعة الإخوان في مواقع التواصل الاجتماعي بتورط الحزب في العملية.

إلا أن أهمية الحادثة تكمن في كونها تحدياً إسرائيلياً لتهديد ولتحذير نصر الله في خطابه الذي ألقاه في أغسطس الماضي عقب عملية "طوفان الأقصى" وقال فيه بأن "أي اغتيال على الأراضي اللبنانية يطال لبنانياً أو فلسطينياً أو إيرانياً أو سورياً، بالتأكيد سيكون له ردّ الفعل القوي ولا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تحمّله".

وأضاف نصرالله، حينها قائلاً: "لن نسمح أن تفتح ساحة لبنان من جديد للاغتيالات، ولن نقبل بتغيير قواعد الاشتباك القائمة حتى الآن"، كما أن الرجل سبق وأن هدد إسرائيل قبل سنوات ما وصفها بالمعادلة قائلاً: "إذا قصفتم بيروت أو الضاحية الجنوبية سنقصف تل أبيب".

تهديدات لم تجد طريقاً لها للتنفيذ، حيث اكتفى حزب الله بإصدار بيان حول عملية اغتيال العاروري، أكّد فيه أنّ "هذه الجريمة لن تمرّ دون ردّ وعقاب"، مضيفاً في بيانه أنّ "هذا اليوم المشهود له ما بعده.. فصبر جميل والله المستعان".

وذات الموقف الباهت كرره زعيم الحزب حسن نصرالله في خطابه مساء اليوم، حيث اكتفى بالتعليق على حادثة اغتيال العاروري بالقول إن "ما حصل بالأمس في الضاحية الجنوبية خطير جدا سيما أن هذا الاستهداف حصل في الضاحية الجنوبية"، مضيفاً بأنه "لن يبقى دون رد أو عقاب وبيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي"، حسب قوله.

وكان لافتاً التعليق الصادر عن الحرس الثوري الإيراني على حادثة اغتيال العاروري والتساؤلات حول غياب الرد عليها وعلى عمليات الاغتيال السابقة، قال فيه بأن "الصبر الاستراتيجي للمقاومة وحزب الله لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق".

هذا الصبر الاستراتيجي الذي يتحدث عنه الحرس الثوري الإيراني، يبدو أنه ينسحب أيضاً على ذراعه في اليمن والمتمثلة بجماعة الحوثي التي تلقت ضربة مؤلمة يوم الأحد الماضي بمقتل عشرة من عناصر مليشياتها على يد البحرية الأمريكية التي أغرقت ثلاثة زوارق حوثية حاولت مهاجمة واختطاف سفينة حاويات في جنوب البحر الأحمر.

الجماعة الحوثية أقرت بالحادثة، في بيان لها، لكنها امتنعت عن التهديد صراحة بالرد بوجه البحرية الأمريكية واكتفت بالقول إن "العدو الأمريكي يتحمل تبعات هذه الجريمة وتداعياتها". لكن اللافت أنها عاودت اليوم الأربعاء التهديد من أي صدام جديد مع الجانب الأمريكي وذلك في بيان لها تبنت فيه عملية استهداف فاشلة لسفينة شحن بالبحر الأحمر.

حيث حذرت الجماعة "العدو الأمريكي أو غيره من أي اعتداء أو إجراء يمثل حماية للسفن التجارية التي تذهب إلى الكيان الصهيوني"، متجاهلة تماماً الحادثة السابقة وقتل 10 من عناصرها وقيام البحرية الأمريكية أكثر من مرة بإسقاط صواريخ ومُسيرات الجماعة بالبحر الأحمر، وإفشال هجمات لها ضد الملاحة الدولية والسفن التجارية.