اليمن في 2023.. متغيرات سياسية وأحداث محلية وتقلبات اقتصادية اختتمت بخارطة سلام

تقارير - Tuesday 02 January 2024 الساعة 09:23 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

شهدت اليمن خلال العام 2023 سلسلة من الأحداث والمتغيرات السياسية والتقلبات الاقتصادية التي بدأت بركود سياسي، تزامن مع انهيار العملة المحلية وتدهور الخدمات وتصاعد الغضب الشعبي في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، مروراً بكوارث بيئية وتوقف المساعدات الدولية، وصولاً إلى التصعيد البحري، وانتهاءً بإنجاز منتخب الناشئين لكرة القدم، وإعلان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ عن خارطة طريق لإنهاء الحرب وإحلال السلام.

وشهدت الأشهر الأولى من العام 2023 ركوداً سياسياً خاصة فيما يتعلق بجهود تحقيق السلام التي تبذلها دول المنطقة ممثلة بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، بدعم ورعاية من المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة، في حين جرت عملية تبادل أسرى ومعتقلين بين الحكومة والميليشيات الحوثية في منتصف شهر أبريل.

وعلى مدى الأسابيع الأولى تنقل المبعوثان الأممي إلى اليمن والأمريكي تيم ليندركينغ، وسفراء الدول الأوروبية بين عدن والرياض وسلطنة عمان حيث يقيم وفد الحوثي التفاوضي، لكن دون الخروج بأي نتائج بسبب تعنت الميليشيات الحوثية ورفع سقف مطالبها مع عدم تنفيذها لأي من التزاماتها في اتفاق الهدنة الذي شهدته البلاد في العام 2022م.

آل جابر في صنعاء والحوثي في السعودية 

في 9 أبريل زار سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر على رأس وفد رفيع صنعاء برفقة وفد الوساطة العماني، لتسود حالة من التفاؤل الشعبي الذي سرعان ما قضت عليه الميليشيات بتعنتها وإطلاق التصريحات المتناقضة التي تعتبر السعودية طرفاً تارة وتارة تعتبرها وسيطاً إلى جانب الوفد العماني المرافق للوفد السعودي.

وهذه الزيارة برغم أهميتها إلا أنها لم تستطع تحريك الركود السياسي، ومع مغادرة آل جابر صنعاء، توقفت المفاوضات بين الجانبين سياسيا حتى تاريخ 14 سبتمبر حيث قام وفد مليشيا الحوثي التفاوضي بأول زيارة معلنة إلى العاصمة السعودية الرياض، امتداداً لزيارة آل جابر ولاستكمال النقاشات، لكنها كغيرها لم تحقق أي نتائج تذكر.

وخلال هذه الفترة وقع حدث إنساني يتمثل تنفيذ صفقة تبادل أسرى خلال يومي 14 و15 أبريل، وذلك تنفيذا لاتفاق المشاورات التي عقدت في سويسرا منتصف شهر مارس، بين الحكومة اليمنية والحوثيين ونص على الإفراج عن قرابة 900 أسير ومختطف بينهم اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع الأسبق، واللواء ناصر هادي، شقيق الرئيس السابق، وكذا محمد وعفاش شقيق ونجل عضو مجلس القيادة الرئاسي- رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية العميد الركن طارق محمد عبدالله صالح.

ميثاق جنوبي ينهي الركود السياسي

مثل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الجنوبي في 4 مايو بناءً على دعوة من المجلس الانتقالي الجنوبي، بداية لتحريك الجمود السياسي الذي خلقته الميليشيات الحوثية برفضها المستمر للجهود الإقليمية والدولية من أجل إنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن.

وشهد المؤتمر ولأول مرة في تاريخ الحراك الجنوبي الذي انطلق عام 2007م، توقيع ميثاق جنوبي من قبل أكثر من 37 مكونا سياسيا واجتماعيا وثقافيا، ليسجل بداية من العمل الجنوبي المشترك نحو استكمال استعادة الدولة الجنوبية.

وأثار توقيع هذا الميثاق غضب الميليشيات الحوثية التي أطلقت تهديدات باجتياح الجنوب، وكذا قوى الإخوان الموالية للشرعية الذين زعموا أنه انقلاب على الشرعية، لتظهر بعدها بوادر تحالف إخواني - حوثي لمواجهة الإجماع الجنوبي، من خلال لقاءات جمعت قيادات حزب الإصلاح، فرع الإخوان في اليمن، مع قيادات حوثية في صنعاء.

تفريخ المكونات لضرب الشرعية

كما شهد العام 2023، تفريخ مكونات بهدف ضرب القوى المنضوية في كيان الشرعية، حيث جرى في 29 يوليو الماضي إشهار ما يسمى "المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية" في مأرب برئاسة القيادي الإخواني حمود المخلافي الذي ينتقل بين تركيا وسلطنة عمان.

وزعم القائمون على هذا الكيان أن الهدف منه هو توحيد مجالس المقاومة اليمنية، غير أن الأحزاب السياسية وتيارات المقاومة أعلنت رفضها القاطع لتشكيل هذا المجلس، وأكدت أنه لا يمثلها وأن الهدف منه هو تمزيق اليمنيين وإحياء تيار الإخوان الذي فقد قدرته على التحكم بالمشهد السياسي والعسكري للشرعية اليمنية منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في أبريل 2022م.

وفي 20 يونيو، أُعلن في العاصمة السعودية الرياض عن إشهار مجلس حضرموت الوطني، وذلك في ختام المشاورات التي استضافتها الرياض على مدى شهر بين عدد من المكونات الحضرمية، قبل أن يتم في أواخر مايو الماضي الإعلان عن أسماء أعضاء هيئة رئاسة المجلس والبالغ عددهم 23 عضوا وعضوة.

وهذا الكيان هو الآخر تعرض لانتقادات واسعة من قبل القوى الجنوبية بسبب تصدر حزب الإصلاح لواجهته وهو ما دفع بالعديد من أعضاء هيئة الرئاسة إلى الاعتذار وعلى رأسهم رئيس مؤتمر حضرموت الجامع الشيخ عمرو بن حبريش.

انهيار العملة وتدهور الخدمات وفساد الكهرباء

سجل العام 2023 انهيار غير مسبوق للعملة المحلية "الريال" الذي تجاوز حاجز الـ1500 ريال للدولار الواحد والـ400 ريال للسعودي وهو ما انعكس بشكل سلبي على الأوضاع المعيشية للمواطنين في المناطق المحررة خاصة مع استمرار توقف تصدير النفط الخام بسبب الهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ التصدير في شبوة وحضرموت.

وانعكس الوضع الاقتصادي المتردي في مناطق الشرعية على واقع الخدمات التي تدهورت هي الأخرى خاصة خدمة الكهرباء التي سجلت تراجعا كبيرا مع حلول فصل الصيف بسبب شحة الوقود وعدم قدرة الحكومة على توفيره بشكل منتظم.

ودفع هذا التدهور بالنشطاء إلى فتح ملف الكهرباء وكشف الفساد الذي تمارسه الحكومة ممثلة برئيسها معين عبدالملك الذي كشفت وثائق تورطه في صفقات فساد كانت السبب الرئيسي وراء هذا التدهور.

محافظات الشرعية تخرج عن صمتها

شهد العام 2023 انتفاض سلطتي العاصمة عدن ومحافظة حضرموت على خلفية تقاعس الحكومة وتقصيرها في أداء مهامها تجاه المحافظتين، إلى جانب انتفاضة قبائل مأرب رفضا للزيادة السعرية للبترول.

ففي 12 يونيو أعلن وزير الدولة محافظ العاصمة أحمد لملس إيقاف إرسال إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي اليمني وذلك ردا على السياسات الحكومية تجاه العاصمة عدن والعراقيل المعتمدة في إبقاء ملف الكهرباء أداة لمعاقبة المواطن إضافة إلى قيام الحكومة بسياسة تجفيف إيرادات العاصمة عدن.

وفي 19 يونيو تراجع لملس عن هذا القرار بعد تدخل مجلس القيادة الرئاسي وإجبار الحكومة على القيام بواجبها في توفير وقود الكهرباء.

وفي 26 نوفمبر حذت سلطة حضرموت حذو عدن بإيقاف إرسال إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي، ردا على تقصير الحكومة وتعسفات البنك ورفضه صرف التعزيزات الخاصة بالمحافظة.

وفي 18 ديسمبر احتجت قبائل مأرب على قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، وأقامت مطارح لها في منطقة العرقين وقطعت الخط العام الدولي الذي يربط بين صافر والوادي، رافضة أي مقترحات لا تفضي إلى إلغاء الجرعة السعرية.

الخلاص من قنبلة صافر

يعتبر الخلاص من أزمة الناقلة المتهالكة صافر، من أهم الأحداث التي سجلها العام 2023، حيث مثلت هذه الناقلة على مدار أعوام قنبلة موقوتة تهدد البيئة البحرية في شواطئ الحديدة والمخا والمياه الدولية.

وفي 25 يوليو أعلنت الأمم المتحدة بدء تفريغ النفط الخام الذي تقدر كميته بمليون برميل من الناقلة صافر إلى الناقلة البديلة نوتيكا، في عملية استغرقت 19 يوماً، ولا يزال الخلاف يدور حالياً حول آلية بيع هذه الكمية والجهة التي ستدير الناقلة الجديدة التي تسيطر عليها حالياً الميليشيات الحوثية.

اغتيال مسؤول دولي وتوقف برنامج الغذاء 

21 يوليو وقعت جريمة اغتيال مدير برنامج الغذاء العالمي في تعز مؤيد حميدي برصاص مسلحين مجهولين خلال تواجده في مدينة التربة الريف الغربي وهو في طريقه إلى قلب المدينة.

ومثلت هذه الجريمة صفعة مؤلمة للعمل الأممي والإنساني في مناطق سيطرة الشرعية، في ظل الجرائم المستمرة التي ترتكب بحق منتسبي المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

وبالتزامن أعلن «برنامج الغذاء العالمي (WFP)» توقف مساعداته بدءًا من شهر أغسطس بسبب قلة التمويل.

وفي 5 ديسمبر أعلن البرنامج رسمياً إيقاف برنامج مساعداته الغذائية العامة في المناطق الخاضعة لسلطات صنعاء، بسبب محدودية التمويل وعدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفا واحتياجا. 

غضب شعبي في مناطق الحوثي

خلال العام 2023، شهدت مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية تصاعد الغضب الشعبي الرافض للفساد المستشري والمطالب بصرف مرتبات موظفي الدولة المنقطعة منذ سنوات على الرغم من حجم إيرادات الدولة التي تجنيها الميليشيات سنوياً وتوجهها لدعم ما يسمى المجهود الحربي.

ومع عجز الميليشيات عن قمع هذا الحراك الشعبي، اتجهت إلى إعلان ما تسمى "التغييرات الجذرية" من أجل القضاء على الفساد الذي تمارسه قيادات الجماعة المنتشرة في مختلف مؤسسات الدولة.

وفي 27 سبتمبر أعلنت الميليشيات إقالة حكومة بن حبتور غير المعترف بها دولياً وتكليفها بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة كفاءات وطنية، كبداية لبرنامج التغيير، ولكن حتى الآن لم يتم تشكيل أي حكومة أو إجراء أي تغييرات ولا يزال الحال كما هو عليه بعد امتصاص الغضب الشعبي.

الحوثي يستهدف الملاحة الدولية

يعتبر استهداف مليشيا الحوثي الإرهابية لخطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر من أهم الأحداث التي شهدها العام 2023، كونه يحول السواحل اليمنية إلى ساحة مواجهة مع القوى الدولية التي تداعت لتأمين السفن المارة من باب المندب.

وفي 19 نوفمبر استولت الميليشيات الحوثية على السفينة غلاكسي ليدر المملوكة لشركة بريطانية وتديرها مجموعة يابانية، بزعم أنها إسرائيلية وقامت باقتيادها إلى سواحل الحديدة وتحويلها لمزار شعبي.

وفي 3 ديسمبر هاجمت الميليشيات ثلاث سفن بعد عبورها باب المندب بزعم أنها متجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، قبل أن تستهدف في 12 ديسمبر الناقلة النرويجية ستريندا، لتتصاعد بعد ذلك الهجمات الحوثية على السفن التجارية بذريعة نصرة أبناء غزة ضد العدوان الذي يتعرضون له من الاحتلال الإسرائيلي.

إنجاز الناشئين وخارطة السلام في ختام العام

سجلت الأيام العشرة الأخيرة من العام 2023، حدثين أدخلا الفرحة والسعادة والتفاؤل إلى نفوس اليمنيين بعد أعوام من الحرب.

ففي 20 ديسمبر استطاع منتخب الناشئين الوطني تحقيق كأس بطولة غرب آسيا التي استضافتها سلطنة عمان بعد فوزه على نظيره السعودي بركلات الترجيح.

وفي 23 ديسمبر أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن خارطة طريق توصل لها بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف تتضمن مجموعة من التدابير والالتزامات التي تفضي في الأخير إلى تحقيق السلام وإنهاء الحرب في اليمن.