تهديد وابتزاز الفتيات والنساء في اليمن.. أصوات مكبوتة تنتظر الخلاص والعدالة

تقارير - Friday 22 September 2023 الساعة 08:17 am
تعز، نيوزيمن، أمة الله عبدالله:

يعد ابتزاز وتهديد النساء والفتيات في اليمن من المشكلات الخطيرة التي يواجهها المجتمع الذي يعرف بأنه محافظ ومغلق؛ وهذه المشكلة تؤثر بشكل كبير على حقوق المرأة وحريتها، والكثير منهن يُجبرن على العيش في حالة من الخوف والقلق المستمر خشية الفضيحة أو القتل على يد أفراد أسرهن.

سلوى فتاة تبلغ من العمر 26 عاما تعيش في مديرية الشمايتين منطقة التربة محافظة تعز. وتدرس في إحدى الكليات الخاصة في محافظة تعز. كانت دائما تحصل على الدرجات النهائية في القاعة وحصدت المرتبة الأولى على زملائها في كل فصل دراسي.

تقول سلوى: "تقدمت إلى مستوى ثالث في الكلية الخاصة، كنت نفس الطالبة المجتهدة والمثابرة ولم أتغيب يوما واحدا عن أي محاضرة. وفي نهاية امتحان الفصل الثاني مستوى ثالث جاء الدكتور ليخبرنا عن الدروس التي سوف تدخل الامتحان حينها رفعت يدي وقلت له هناك درسان لم تشرحهما".

بهذه الكلمات البسيطة كانت كفيلة بتغير حياة الطالبة وانقلابها رأساً على عقب. تقول: "قام الدكتور بتهديدي بالرسائل عبر الواتس آب والرسائل النصية أنني محرومة من الامتحانات وسوف أحرم من شهادتي وأنه لن يقبل درجاتي". 

وتضيف: "كنت حينها حزينة ومكتئبة حتى أنني انهرت نفسيا، ولم أعد أحب الدراسة أو الاجتهاد مثل قبل. لم أستطع البوح لأهلي بسبب خوفي من أن يلوموني وأكون أني السبب والضحية". 

وصلت القضية إلى إدارة الكلية، لكن الصدمة أن الإدارة تقف إلى جانب الدكتور، ووضعتني بين خيارين إما الحرمان من الدرجات والشهادة وبين الاعتذار. تقول سلوى: خوفي من أهلي ومن ضياع سنين جهدي وتعبي وأن أخسر شهادتي اضطررت للاعتذار من الدكتور في وجود الإدارة. 

تضيف سلوى: من حينها لم أعد أهتم بالحصول على المرتبة الأولى ولم أعد مجتهدة كالسابق كان همي الوحيد هو أنني أحصل على الشهادة وأن يكون معدلي فقط ناجح. 

استغلال ضعف المرأة

حال سلوى لم يكن أفضل من فاطمة، وهي امرأة متزوجة تبلغ من العمر 26 عاما. تعيش فاطمة في قرية الزعزاع في مديرية الشمايتين وهي أم لطفلين، بالرغم من أنها امرأة متزوجة ومكافحة تبحث عن استكمال تعليمهما إلا أنها كانت ضحية للابتزاز والتهديد. 

تدرس فاطمة في إحدى الكليات الخاصة في منطقة التربة، تأتي كل أسبوع إلى منزل أقاربها لكي تباشر محاضراتها في الكلية البعيدة أصلاً عن منزلها. اضطرت أن تعيش في منزل أحد أقاربها القريب من الكلية طيلة أيام الكلية، ثم تعود نهاية كل أسبوع إلى قريتها في رحلة شاقة من أجل تلقي العلم.

تضيف فاطمة: "أحب التعليم وأقطع كل هذه المسافات من أجل الحصول على الشهادة الجامعية والعودة لقريتي وخدمة أهلي".

تفاجأت فاطمة بأحد الأيام بتهديد من أستاذها الجامعي، بعد أن رفعت تظلما بحق المادة التي يقوم بتدريسها. تقول الطالبة: إن هذا الأمر أزعج الدكتور حتى إنه هددني بتمزيق الشهادة وتقطيعها أمام الطلاب. 

تقول فاطمة حينها: "لم أدري ماذا أفعل وإلى أين اتجه؛ أهلي سوف يعاملونني بسوء إذا عرفوا بالأمر. قررت أن أبحث عن منظمة نسوية بسرية لكي أجد مخرجا لمشكلتي، لكن لم أعرف أحدا ولم أصل لشخص يساعدني، كنت حينها مقهورة وأعيش في مرحلة من القلق والخوف، اضطررت للاعتذار من الدكتور لحل المسألة واستكمال مسيرتي التعليمية".

الخوف من الأهل 

لم تكن هذه القصص وحدها فهناك العديد من القصص التي لا تستطيع البوح بها، بسبب الخوف من الأهل والمجتمع وبسبب العار وتضطر أغلب الفتيات للسكوت والخضوع أو الانتحار.

بشرى من منطقة الصلو في محافظة تعز، فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، انتحرت بعد تعرضها للابتزاز. يقول مصطفى حزام والد بشرى: إن ثلاث فتيات نشرن صورها على شباب آخرين، وضغطوا عليها للحصول على مبلغ مالي كبير، وحينما رفضت الدفع أرسلوا الصور لخطيبها فتوترت العلاقة بينهما وتشاجرا في آخر مكالمة بينهما، ثم أنهت حياتها.

ويشير الاستشاري القانوني توفيق الشميري إلى أن الابتزاز كما تعرفه القوانين ومنها القانون اليمني في المادة 313 من قانون الجرائم والعقوبات: "هو كل من يبعث قصدا في نفس شخص الخوف من الإضرار به أو بأي شخص آخر يهمه أمره ويحمله بذلك وبسوء قصد على أن يسلمه أو يسلم أي شخص آخر أي مال أو سند قانوني أو أي شيء يوقع عليه بإمضاء أو ختم يمكن تحويله إلى سند قانوني".

وفي نص المادة 254 من القانون اليمني يعرف التهديد بأنه كل من هدد غيره بأي وسيلة بارتكاب جريمة أو بعمل ضار أو بعمل يقع عليه أو على زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة إذا كان من شأن التهديد أن يحدث فزعا لدى من وقع عليه.

موضوع جريمة الابتزاز

القصد من جريمة الابتزاز هو التهديد الذي يقع على المجني عليه أو زوجه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة، وذلك يعني أن التهديد وبعث الخوف قد يكون موجها إلى ذات المجني عليه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة وهذا ما جاء بنص المادة 313 بالقول أو من يهمه.

وتشير مدربة الحماية الرقمية نور خالد إلى أن من أهم الأسباب التي تشارك بشكل أساسي في تزايد قضايا الابتزاز هو الجهل التقني بأهمية تأمين الحساب مما يجعلها عرضة للاختراقات واستغلال الثغرات ومن ثم اختراق الجوال وسحب الصور وبعد ذلك يجعلها عرضة للابتزاز.

وأضافت: وهناك سبب آخر يتمثل في الثقة الزائدة بالأشخاص الوهميين أو أصدقاء التواصل الاجتماعي بحيث تتعرف على صديقة فيسبوكية مثلاً وبعد مدة ترسل لها صورا من باب الصداقة وفيما بعد تكتشف أنه الصديقة الوهمية يكون رجلا يقوم بابتزازها لاحقاً. أضف إلى ذلك العلاقات العاطفية عن طريق مواقع السوشيال ميديا بحيث يتم تبادل الصور بين الطرفين وفيما بعد يتم الابتزاز.

مركز المساعدة 

ومؤخرا برزت جهات رقمية تساعد الفتيات والنساء على الحفاظ على سلامتهن من مخاطر التهديد والابتزاز من بينها مركز المساعدة YODET الذي يتعامل مع الأفراد ومنظمات المجتمع المدني في اليمن للحفاظ على سلامة النساء والفتيات رقمياً وتقديم لهن الحماية من المخاطر المادية. 

لدى الفريق تقنيون محترفون في 8 مراكز صممت خصيصا للمساعدات التقنية وخدمات الطوارئ، وتعمل هذه المراكز في 7 مدن رئيسية في اليمن ومستعدون لتحسين إجراءاتكم المتعلقة بالسلامة الرقمية وحل المشاكل التقنية، بالإضافة إلى خط مساعدة اونلاين.

بحسب القائمين على البرنامج يقوم المختص القريب منك بمساعدتك من خلال تقييم المخاطر التي تواجهها، وسيقوم بعمل خطة للسلامة وترتيب أولويات احتياجاتك الأمنية. سوف نساعدك على حل المشاكل القائمة، ونعلمك بعض أهم الممارسات في الأمان الرقمي.

واحدة من أهم مشاكل السلامة الرقمية التي تصل لخط المساعدة هو مشكلة الابتزاز الرقمي والتي تواجه النساء في اليمن، حيث يتم تقديم المساعدة التقنية اللازمة للضحايا. عبر الوصول لخط المساعدة عن طريق الإيميل help@yodet.org