انهيار قيمة العملة المحلية في المناطق المحررة يحرك موجة الإضرابات بقطاع التعليم

تقارير - Wednesday 20 September 2023 الساعة 03:16 pm
عدن، نيوزيمن، خاص:

تسلط موجة الإضرابات، التي يشهدها قطاع التعليم في المناطق المحررة، الضوء على إحدى تداعيات انهيار قيمة العملة المحلية خلال السنوات الماضية والفارق الكبير بين قيمتها اليوم وما كانت عليه قبل اندلاع الحرب عام 2015م.

وتشهد 5 جامعات حكومية بالمناطق المحررة منذ الأحد الماضي إضرابا شاملا، احتجاجاً على رفض تنفيذ مطالبها بتحسين الظروف المعيشية لمنتسبيها، تنفيذا لبيان مشترك أعلنته نقابات جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة، وانضمت إليها جامعة تعز.

نقابات التدريس بالجامعات الحكومية أبدت، في بيانها، استياءها من ما وصفته بالتجاهل المتعمد من قبل الحكومة في تلبية المطالب التي رفعتها، خلال الفترات الماضية وآخرها في بيان الوقفة الاحتجاجية التي جرى تنظيمها أمام قصر المعاشيق الرئاسي بالعاصمة عدن في 27 أغسطس الماضي.

وذكرت، في بيانها، قائمة بهذه المطالب، كان على رأسها تحسين الوضع المعيشي بإعادة قيمة الراتب إلى ما كان عليه قبل مارس 2015م، مشيرة إلى ان راتب الأستاذ الجامعي كان حينها يساوي نحو 1200 دولار أمريكي، مقارنة بنحو 200 دولار فقط حالياً.

وفي حين تشهد المدارس الحكومية بالعاصمة عدن حالياً إضراباً لرفض قرار وزارة المالية بتحويل صرف الرواتب إلى البنوك التجارية، إلا أنها سبق وأن شهدت العام الماضي اضراباً مماثلاً للمطالبة برفع الأجور وصرف العلاوات المتوقفة، وتم رفعه بعد تدخل المحافظ احمد لملس وتعهده بصرفها من إيرادات المحافظة.

ورغم انتظام الحكومة الشرعية في صرف المرتبات لكافة الموظفين بالمناطق المحررة مقارنة بمناطق سيطرة مليشيات الحوثي، إلا أن الانهيار الكبير في قيمة العملة المحلية خلال السنوات الأخيرة أفقد قيمة هذه الرواتب وجعلها في مواجهة غير متكافئة مع أسعار السلع التي شهدت ارتفاعاً مستمراً مع ثبات قيمة المرتب بالعملة المحلية.

وقبيل اندلاع الحرب في اليمن أواخر مارس من عام 2016م، كان سعر صرف الدولار الأمريكي نحو 215 ريالاً، في حين يبلغ حالياً 1425ريالاً في المناطق المحررة، ما يعني ان متوسط راتب المعلم الذي كان يساوي قبل الحرب نحو 250 دولاراً، بات اليوم لا يساوي أكثر من 35 دولاراً فقط بالمناطق المحررة.

وتسبب لجوء حكومة الشرعية عقب الحرب إلى طباعة العملة المحلية دون غطاء من العملة الصعبة إلى انهيار قيمتها، وتضاعف ذلك، مع قيام مليشيات الحوثي أواخر عام 2018م بحظر التداول بالعملة الجديدة ما أدى إلى تكدسها في المناطق المحررة وفقدان قيمتها امام العملات الأجنبية، بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي في مايو الماضي.

التقرير سلط فيه الضوء على أزمة الاقتصاد في اليمن وانقسامه وما خلقه من فارق في قيمة العملة المحلية بين مناطق الشرعية ومليشيات الحوثي، حيث تطرق إلى لجوء الحكومة المعترف بها دولياً إلى تمويل عجز المالية العامة بزيادة المعروض من النقود (طباعة العملة) لمواجهة الضغوط المالية المتزايدة التي تفاقمت جراء توقف إنتاج وتصدير النفط في عام 2015م.

ويشير التقرير إلى استقرار الريال اليمني لفترة وجيزة في أوائل عام 2019 في أعقاب وديعة كبيرة للمملكة العربية السعودية من العملات الأجنبية في البنك المركزي في عدن، ومع استنفاد هذه الوديعة تدريجياً، أعلن الحوثيون أن صنعاء لم تعد تقبل أوراق النقد الجديدة التي تصدرها الحكومة المعترف بها دولياً، الأمر الذي أدَّى فعلياً إلى انفصال السياسة النقدية بين المنطقتين.

وحول أسباب استقرار العملة في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، يشير تقرير البنك الدولي إلى بقاء المركز المصرفي والتجاري لليمن في صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة وما يعني ذلك استفادتها "من زيادة التدفقات الوافدة من تحويلات المغتربين والمعونات الخارجية التي تُنفَّذ من خلال النظام المصرفي الرسمي"، في حين واصلت قيمة الريال التراجع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً.

يقدم التقرير صورة من صور الفشل الذي يعتري الأداء الحكومي في الجانب الاقتصادي من جهة ومن جهة أخرى فشلها في مواجهة المعركة الاقتصادية التي تشنها عليها مليشيات الحوثي، وما سببه ذلك من تداعيات كارثية على رأسها انهيار قيمة العملة المحلية، والتي باتت الدافع الأول لمشهد الإضرابات الذي تعاني منه اليوم المناطق المحررة في قطاع التعليم.