في لقاء بلينكن مع العليمي والزبيدي.. واشنطن تتمسك بدعم حوار يمني-يمني

تقارير - Wednesday 20 September 2023 الساعة 08:07 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

على هامش مشاركتهما في اجتماع الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء لقاء وزير الخارجية الأمريكي برئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، وعضو المجلس-رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، بمثابة فرصة لواشنطن لتأكيد موقفها من الحوار الثنائي بين المملكة العربية السعودية وجماعة الحوثي.

وبالرغم من الترحيب الأمريكي المعلن بجولة المفاوضات المنعقدة حالياً منذ 14 سبتمبر الجاري، بين المملكة والحوثيين، وكذلك تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن في كلمته الترحيبية بالرئيس العليمي ونائبه الزبيدي، بأن الجميع سيعمل بطريقة إيجابية لدعم تلك الجهود، إلا أن بلينكن أكد في نفس الكلمة الترحيبية أن المفاوضات اليمنية-اليمنية بوساطة الأمم المتحدة "أصبحت ضرورية للتوصل إلى سلام دائم".

في تغطيته لهذا اللقاء نشر موقع وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين الماضي، اليوم الذي تم فيه اللقاء، نص الكلمة الترحيبية للوزير بلينكن بالرئيس ونائبه في نيويورك، كما نشر الموقع موجزاً رسمياً للقاء اليمني الأمريكي على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر. وكلا النصين متقارب من حيث المحتوى، باستثناء إشارة الوزير بلينكن إلى أنه عاد "للتو من اجتماع بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي"، وأن ما سمعه في ذلك الاجتماع "كان إجماعًا قويًا في وجهات النظر حول أهمية هذه اللحظة" بالنسبة لليمنيين، واصفًا إياها ب"الفرصة التي تكمن الآن أمام الشعب اليمني للتحرك أخيرًا نحو تحقيق السلام الشامل والدائم".

إشارة بلينكن إلى اجتماعه بمجلس التعاون الخليجي بدت كرسالة حثّ لمجلس القيادة الرئاسي للتعاطي الإيجابي مع المفاوضات الجارية في الرياض مع جماعة الحوثي، وفي نفس الوقت حثّ الأطراف الممثلة في مجلس القيادة على التمسك بمفاوضات يمنية-يمنية بين جميع الأطراف، وهي المفاوضات التي جدد بلينكن تمسّك حكومته بدعمها كونها الطريقة الأكثر ضماناً للتوصل إلى سلام دائم.

ومنذ أسابيع مضت يشن إعلام جماعة الحوثي حملات مستمرة على الدور الأمريكي في الملف اليمني، وتتهم قيادات الصف الأول من الجماعة أمريكا وبريطانيا بمحاولة عرقلة المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، كما يحاولون تصوير استجابتهم للمفاوضات مع السعودية بكونها مشروطة بتجاهل السعودية لأي مبادرات أمريكية للحل السياسي في البلاد. ومعروف أن استجابة الحوثيين لهذه المفاوضات جاءت بعد تلقيهم الضوء الأخضر من إيران وفي ظل جهود الوساطة العمانية المستمرة منذ أواخر العام الماضي.

ويتهرب الحوثيون من المفاوضات اليمنية-اليمنية مراهنين في ذلك على دولتي التحالف العربي- السعودية والإمارات، في الضغط على الأطراف المناهضة للجماعة الانقلابية لقبول نتائج أي مفاوضات، بينما تشير المواقف المعلنة من قبل الحكومة الشرعية والأطراف المناهضة لانقلاب الحوثيين إلى أن جميع الأطراف المحلية لن تقبل أي اتفاق لا ينهي انقلاب المليشيا على السلطة ويلغي جميع التغييرات التي أحدثتها في بنية مؤسسات الدولة والحياة العامة خلال السنوات التسع الماضية.

الجنوب قضية محورية

يشير اصطحاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، لعضو المجلس عيدروس الزبيدي لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا العام، إلى موقف موحد في مجلس القيادة على أن أي مفاوضات للحل في اليمن يجب أن تكون القضية الجنوبية في صميمها وفي إطارها التفاوضي، وهو الموقف الذي أعلنه المجلس الانتقالي الجنوبي غداة سفر الوفد الحوثي إلى الرياض.

يبدو أن القضية الجنوبية اليوم وبعد ما يقارب 20 سنة على انطلاقها، أصبحت محط اهتمام الكثير من دول الإقليم والعالم، وتعد مشاركة الزبيدي في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة رسالة لقادة العالم المجتمعين في هذه الدورة، ومفادها أن السلام في اليمن قائم على مشاركة الأطراف اليمنية من الشمال والجنوب في المفاوضات، وعلى معالجة القضية الجنوبية بشكل عادل أو التسليم بانفصال الجنوب كأمر واقع.

لا تبدو الولايات المتحدة الأمريكية داعمة لخيار انفصال الجنوب عن الشمال، وقد أكد بلينكن في لقائه العليمي والزبيدي أن بلاده تدعم مجلس القيادة الرئاسي في إطار التزامه المشترك بتحقيق نهاية دائمة للصراع في اليمن وتخفيف معاناة اليمنيين. وقال بلينكن في اللقاء إن حكومته مصممة "على أن تؤدي الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار على مستوى البلاد وإطلاق عملية سياسية يمنية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة"، مؤكداً أن "الاتفاق السياسي بين الأطراف اليمنية، والذي يلبي أيضًا دعوات اليمنيين لتحقيق العدالة والمساءلة، هو وحده القادر على إحلال السلام والازدهار في البلاد". 

وتابع بلينكن: "في رأينا، فإن الطريق إلى الأمام واضح: المفاوضات فقط، وليس الأعمال العدائية، هي التي ستجلب الأمن والرخاء لشعب اليمن. نحن ندعم مجلس القيادة الرئاسي الذي يرأسه السيد الرئيس (العليمي) وندعم المحادثات المباشرة بين جميع اليمنيين للتوصل إلى حل دائم. وسوف نفعل ونستمر في بذل كل ما في وسعنا لدعم الجهود ذات الأهمية الحيوية التي تشاركون فيها جميعًا"، وذلك بحسب الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية. 

شمولية المفاوضات 

بمزيد من التمسك بمبدأ شمولية المفاوضات من قبل الأطراف المناهضة لجماعة الحوثي، سوف يزداد الدعم الإقليمي والدولي لهذا الموقف، بما في ذلك دعم المملكة العربية السعودية.

ورغم وضوح تحفظ الأطراف المناهضة لجماعة الحوثي على المفاوضات الثنائية الجارية بين الجماعة والمملكة العربية السعودية، يراهن الحوثيون على أن الأطراف المناوئة لهم يمكن أن تقبل بأي اتفاق حتى لو غلبت عليه اشتراطاتهم التعجيزية. وينطوي مثل هذا الرهان على سوء تقدير سياسي، خاصة حين الأخذ بالاعتبار موقف القوى الجنوبية والمقاومة الوطنية وقوات العمالقة من عدم شمولية المفاوضات، والأطراف الثلاثة لديها قوات ضاربة على الأرض قادرة على إحداث توازن قائم على الردع. وإلى جانب هذه القوات هناك الألوية العسكرية التابعة مباشرة لوزارة الدفاع في الحكومة الشرعية والموزعة على جميع المحافظات المحررة. وإذا كانت جماعة الحوثي تحظى بدعم سياسي إقليمي من إيران وسلطنة عمان، فإن الأطراف المناوئة لها تحظى بدعم واعتراف أكثر من دولة على المستوى الإقليمي والدولي، وعلى رأسها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، كما أن انفراد السعودية بهذه المفاوضات مع الحوثيين لا يعني تخليها عن حلفائها الاستراتيجيين في اليمن والإقليم.

ويروج إعلام الحوثيين والإعلام العربي المؤيد لهم منذ انطلاق مفاوضات الرياض لعدم شمولية المفاوضات، وذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن مجلس القيادة الرئاسي والأطراف المناهضة للحوثيين لن تشارك في هذه المفاوضات، وأن المملكة العربية السعودية سوف تعلن نتائج المفاوضات رسمياً عقب انتهاء هذه الجولة، وهو ما فنّده محللون سياسيون ومراقبون عن كثب للشأن السياسي في اليمن والمنطقة.