من طرقات شبوة إلى أودية أبين.. الإرهاب تحت مطرقة القوات الجنوبية

تقارير - Monday 22 May 2023 الساعة 08:52 am
أبين، نيوزيمن، خاص:

تسطر القوات الجنوبية نجاحات متواصلة في جهود حفظ الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب والتطرف في مناطق محافظتي أبين وشبوة، جنوب وجنوب شرق اليمن. حيث تخوض القوات في المحافظتين حرباً مفتوحة ضد عناصر التنظيمات الإرهابية في مقدمتها تنظيما القاعدة وداعش بالمحافظتين.

عمليتان متوازيتان أطلقتهما القوات الجنوبية؛ الأولى في أبين تحت اسم "سهام الشرق"، وأخرى في شبوة تحت اسم "سهام الجنوب"، أسهمتا في إعادة السكينة العامة للمواطنين وإنهاء الاختلالات الأمنية، وتطبيع الأوضاع العامة.

وتلقت التنظيمات الإرهابية ضربات موجعة جراء الحملات المتفرقة التي تشنها القوات الجنوبية بين الحين والآخر، لمداهمة الأوكار الإرهابية والتحصينات التي تمركزت فيها تلك العناصر على مدى سنوات. وتمكنت القوات من تطهير معاقل وبؤر إرهابية رئيسية في أبين وشبوة، وسط إشادة محلية وإقليمية ودولية بما تحققه القوات الجنوبية من جهود في جانب محاربة الإرهاب والقضاء على هذه الآفة الخطيرة.

تطهير آخر معاقل القاعدة بالمحفد

آخر الضربات التي تلقتها عناصر القاعدة في أبين، منتصف مايو، عقب تطهير وتأمين أحد أهم الأودية التي كان عناصر التنظيم يتخذها معقلاً رئيسياً لإدارة عمليات التفخيخ واستهداف القوات المشاركة في سهام الجنوب بمحافظة أبين جنوب البلاد.

وادي الخيالة، بضواحي مديرية المحفد، ظل بعيداً لسنوات طويلة عن الحملات الأمنية والعسكرية التي كان يتم إطلاقها من أجل القضاء على بؤر الإرهاب والتطرف في المحفد. 

وخلال الأيام الماضية تمكنت القوات الجنوبية وتحديدا وحدات من اللواء أول دعم وإسناد وقوات الطوارئ التابعة للحزام الأمني من اقتحام هذا المعقل الإرهابي تحت عملية عسكرية أطلق عليها "نمر أبين2".

عملية الاقتحام والتطهير كانت خاطفة، وتمكنت القوات من التوغل في الوادي والاشتباك مع العناصر الإرهابية التي كانت تتحصن فيه. وعثرت القوات على كمية كبيرة من الألغام والعبوات الناسفة بعضها كان مموهاً ومطابقاً للعبوات الناسفة التي تزرعها مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، بجبهات القتال في المناطق المحررة.

وأكد العميد نصر عاطف اليافعي، قائد اللواء أول دعم وإسناد، أن القوات مستمرة في عملية تأمين وتطهير كافة المناطق التي يتمركز فيها فلول الإرهاب بمديرية المحفد وباقي مديريات محافظة أبين، مشيرا إلى أن العناصر الإرهابية كانت تتخذ من "وادي الخيالة" والشعاب الجبلية المحيطة به مأوى لها ومخبأ للمتفجرات التي تستخدمها في زعزعة أمن واستقرار المحافظة. 

وقال، إن "قوات اللواء أول دعم وإسناد وقوات طوارئ الحزام الأمني تمكنت من قتل وجرح عدد من العناصر الإرهابية، وأحكمت السيطرة على قرابة 90% من المواقع التي تأوي عناصر القاعدة الإرهابية في جبال ووديان الخيالة".

وأكد العميد اليافعي أن "وحدات من القوات الجنوبية تواصل حملاتها العسكرية في تلك المناطق بهدف تأمينها ومنع العناصر الإرهابية من التسلل عبرها إلى المدن والقرى الحدودية من تلك المناطق لاستهداف المدنيين والقوات الجنوبية".

ويتخذ تنظيم القاعدة من مثلث جبلي بين شبوة وأبين والبيضاء ملاذاً لتحركات عناصره، وخطوطاً رئيسية للتنقل بين المحافظات الثلاث، وتنفيذ عمليات إرهابية ضد القوات الجنوبية وسكانها. ويمثل تطهير وادي الخيالة نقطة استراتيجية في استهداف هذا المثلث الجبلي ووأد التنظيم من هذه المرتفعات الجبلية شديدة الوعورة.

وفي الأيام الماضية، دفعت القوات الجنوبية بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مديرية مودية، وسط أبين، ضمن خطة الانتشار التي تعتزم القوات تنفيذها من أجل ملاحقة فلول القاعدة، وإنهاء الهجمات الإرهابية التي تنفذها ضد القوات في المديرية.

انتشار في شبوة

التطورات المتلاحقة في أبين، رافقتها تحركات أمنية موازية نفذتها قوات دفاع شبوة من أجل فرض الأمن والاستقرار وتعقب العناصر الإرهابية وتضييق الخناق على تحركاتها بين مناطق أبين وشبوة.

وبدأت القوات الشبوانية عملية انتشار جديدة في مدينة عتق ومديريات مجاورة، خصوصا في منطقة المصينعة التي جرى تطهيرها ضمن عملية "سهام الجنوب" أواخر العام الماضي. وتأتي عملية الانتشار الجديدة في إطار خطة أمنية شاملة تهدف إلى تطبيع الأوضاع وحفظ الاستقرار وإحلال السكينة العامة في مديريات شبوة.

كما شملت عملية الانتشار أيضا نشر وحدات من قوات دفاع شبوة على طول الخط الرئيسي الرابط بين مدينة عتق، مركز المحافظة ومنطقة العبر بمحافظة حضرموت المجاورة.

ونشرت حسابات قوات دفاع شبوة، تسجيلاً مصوراً يوضح بدء عملية الانتشار التي قامت بها القوات في الطريق العام كمرحلة أولى.

وقالت القوات إن نشر الوحدات يأتي ضمن خطة استكمال الانتشار وتأمين مديريات محافظة شبوة، وضمن المرحلة الأولى في الخط الدولي الرابط بين عتق والعبر لتأمين المسافرين، وتثبيت الأمن والاستقرار وحماية المواطنين.

دعم حوثي لإنقاذ "القاعدة"

استمرار تضييق الخناق على تحركات عناصر القاعدة بأبين وشبوة، دفع الميليشيات الحوثية -الحليف الاستراتيجي للتنظيم- إلى تفجير معارك عنيفة في عدة محاور لتخفيف الضغط على التنظيم الذي بات يعيش أنفاسه الأخيرة في المحافظتين.

وصعدت الميليشيات الحوثية من هجماتها على قوات دفاع شبوة في الشريط الحدودي مع محافظة البيضاء، ناهيك عن الهجمات الجوية الفاشلة التي تنفذها الميليشيات المدعومة من إيران عبر طائراتها المسيرة ضد مناطق شبوة. وترافقت حملات تطهير وادي الخيالة في أبين مع هجمات عنيفة شنتها الميليشيات في جبهة الحد يافع- محافظة لحج، في مسعى لإنقاذ تنظيم القاعدة من السقوط.

كما نفذت الميليشيات الحوثية مناوشات متكررة ضد القوات الجنوبية المتمركزة في جبهة عقبة ثرة، بمحافظة أبين، وسط تمكن القوات من إفشال عمليات التسلل والهجمات المتكررة التي تسعى من خلالها الميليشيات إلى دعم وإسناد عناصر الإرهاب التي تواجه مطرقة القوات الجنوبية في المناطق المحررة.

تصعيد الميليشيات الحوثية من عملياتها العسكرية ضد محافظات شبوة وأبين ولحج، يعكس طبيعة العلاقة الوطيدة والتخادم بين عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي والمليشيات الحوثية.

ولم تكتف الميليشيات الحوثية بالتصعيد العسكري بل وسعت الدعم اللوجيستي للتنظيم الإرهابي من خلال خط إمداد مفتوح للمتفجرات والعبوات الناسفة المموهة التي تطابق بشكل كبير العبوات الناسفة التي تزرعها الخلايا الحوثية بالمناطق المحررة.

ووصل التنسيق والدعم الحوثي لتسليم تنظيم القاعدة، طائرات دون طيار -إيرانية الصنع- لشن هجمات إرهابية ضد مواقع القوات الجنوبية. وبرز أول هجوم نفذه تنظيم القاعدة ضد قوات دفاع شبوة في منطقة المصينعة بمديرية الصعيد في الـ12 من مايو 2023.

واعترف تنظيم القاعدة، في بيان صادر عنه، بشن الهجوم الجوي، الذي يؤكد حقيقة المعلومات التي تحدثت عن تسلم القاعدة شحنة طائرات مسيرة من الحوثيين خلال الفترة الماضية.

ويأتي تسلم القاعدة طائرات مسيرة من الحوثيين، في إطار التعاون المشترك بين الطرفين، وفي ظل مساعٍ إيرانية عبر الحوثيين لإنقاذ التنظيم الإرهابي من السقوط وإنهاء تواجده في المحافظات الجنوبية.

ووفقاً لمصادر عسكرية فإن إيران بدأت بتفعيل كرت القاعدة عن طريق إيصال دعم حديث عبر مليشيات الحوثي المسيطرة على محافظة البيضاء المجاورة لمحافظتي أبين وشبوة، موضحة أن الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم على يد القوات الجنوبية، دفعت بإيران والحوثيين إلى التحرك نحو تعزيز قدرات القاعدة ولمنع سقوطه.

وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات استغلت الهدنة الأممية الأخيرة وما بعدها من هدوء ومرحلة اللا حرب، من أجل تعزيز قدرات تنظيم القاعدة، عبر "أجهزة وأسلحة حديثة" مهربة من إيران؛ قادرة على شن هجمات جوية ضد القوات الجنوبية.

إيران مصدر الإرهاب 

خلال عمليات التطهير التي نفذتها قوات سهام الشرق وسهام الجنوب ضد معاقل الإرهاب في أبين وشبوة، عثرت القوات على دلائل تؤكد الدعم الإيراني لهذه العناصر من أجل زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفوضى والخراب في المحافظتين الجنوبيتين.

وقال المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية، المقدم محمد النقيب، إن إيران وخبراءها هم الممول الرئيس لتنظيم القاعدة الإرهابي في الجنوب، مضيفا: "في كل مرة يأتينا ما يثبت من حقائق بأن عناصر تنظيم القاعدة وداعش يحصلون على إمدادات عسكرية كالمتفجرات المصنعة محليا بالتقنية ذاتها التي يتم ضبطها على مسرح العمليات العسكرية في مواجهة المليشيات الحوثية".

وأشار إلى أن الميليشيات الحوثية تقر بالحصول على تسليحها المتطور من إيران عبر خطوط التهريب خصوصاً عبر البحر الأحمر الذي تسيطر على جزء كبير منه، لافتا إلى أن المليشيات الحوثية تحصلت دعم إيراني على دفعات كثيرة ليس فقط على مستوى الامداد العادي، بل الامداد الاستراتيجي، فاليوم المليشيات تمتلك طائرات إيرانية مسيرة لضرب المصالح الدولية سواء داخل الجنوب او داخل السعودية وصولا الى الامارات.

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة الجنوبية المقدم محمد النقيب، إن القوات المشاركة في عملية "نمر أبين2" تمكنت من الوصول للعناصر الإرهابية التي كانت تحاول إعادة التموضع في مرتفعات وجبال وادي الخيالة.

وأضاف: "تطوير وتحديث أدوات مكافحة الإرهاب مكن قواتنا من الوصول الى مكان تموضع العناصر الإرهابية وتمكنت بشبكتها النارية من افشال العناصر الإرهابية من القدرة على الدفاع ولاذت بالفرار"، وتابع: "قواتنا مستمرة في تطهير وملاحقة ومتابعة العناصر الإرهابية في وادي الخيالة حتى يتم تطهيره بشكل كامل".

فصل جديد 

تقرير صادر عن المركز الأمريكي للدراسات «ACSYS، أوضح أن محافظة أبين ابتليت بآفة الإرهاب لسنوات عدة، دمرت خلالها مدنها وقراها، مشيرا إلى أن إطلاق القوات الجنوبية عملية ”سهام الشرق“ ضد تنظيم القاعدة بداية فصل جديد سيعيد السلام والاستقرار الى المحافظة. 

وقال التقرير إنه منذ بدء عملية “سهام الشرق” في 23 أغسطس 2022، سيطرت القوات الجنوبية المؤلفة من قوات الحزام الأمني، ومحور أبين، وقوات مكافحة الإرهاب الجنوبية، والمقاومة الجنوبية، على مناطق ومعسكرات رئيسية في مديريات خنفر وأحور ولودر والوضيع ومودية والمحفد، وكانت تكلفة السيطرة على أبين باهظة؛ واستشهاد أكثر من 70 جنديا من القوات الجنوبية.

وأضاف التقرير: “لم يكن إطلاق العملية العسكرية ”سهام الشرق“ لمكافحة الإرهاب في أبين مصادفة، بل رد فعل على الهجمات الإرهابية المتزايدة من قبل خلايا القاعدة والحوثيين ضد القوات الجنوبية والمجتمع المدني”.

وحثّ المركز الأمريكي للدراسات في ختام تقريره على ضرورة حماية المكاسب التي حققتها القوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب في محافظتي أبين وشبوة، مطالباً التحالف العربي والولايات المتحدة بمواصلة دعم وتدريب هذه القوات التي أثبتت مرارًا فعاليتها ضد القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى.

وأشار تقرير المركز الأمريكي إلى إطلاق عدة عمليات أمنية وعسكرية في الماضي لتحرير محافظة أبين من سيطرة القاعدة، ولكن تلك المكاسب المحققة غالباً ما تتلاشى بسبب سيطرة جماعة الإخوان، التي مهدت لعودة العناصر الإرهابية إلى محافظتي أبين وشبوة، كما حدث في أواخر عام 2019، مما سمح للقاعدة في شبه الجزيرة العربية بحرية الحركة والوصول إلى المخيمات والمخابئ التي طردوا منها.