وعد الإثنين في حيس.. تاريخ يتجدد كل أسبوع

المخا تهامة - Monday 08 May 2023 الساعة 08:48 am
حيس، نيوزيمن، خاص:

يوم الإثنين من كل أسبوع تشهد مدينة حيس جنوبي الحديدة، اجتماع مئات الباعة والمشترين في سوق يعرف شعبياً بيوم "الوعد أو المرباع"، وهو من الأسواق الشهيرة منذ القدم في تهامة، ويعد مركزاً تجارياً لتسويق البضائع والمنتجات.

وما يميز هذا السوق أنه لا زال يحتفظ بطابعه الفريد إلى اليوم وبخصوصية قلما تجدها في أسواق أخرى، ففي هذا السوق يلقى الناس كل احتياجاتهم، فضلاً عن المنتجات ذات الصُنع المحلي، ذلك ما جعله أكثر أهمية لدى الآلاف من الوافدين إليه.

ومظاهر الاستعداد للسوق تبدأ من مساء الأحد، ويبلغ ذروته عقب صلاة الفجر بتوافدِ الباعة القادمين من خارج المدينة، ومع بزوغ الشمس، تبدأ مشاهد الفعالية الشعبية، وشيئاً فشيئاً تدب الحياة في الشوارع والأزقة، ويكتظ الميدان وكل أنحائه بالباعة والمشترين، ويستمر ذلك قرابة وقت الظهيرة، ويجد الناس بغيتهم من احتياجاتهم وكل ما يريدونه، في مشاهد تتنوع فيها صور المعروضات، وتشكل في مجملها مصدر دخل رئيسي لآلاف من رواد المرباع.

ويباع في هذا السوق كل الأشياء المصنوعة والمستوردة محلياً مثل: الخضروات والفواكه بأشكالها المختلفة وكذا مختلف أنواع الحبوب التي تجود بها المزارع التهامية، ويشمل ذلك بيع الفُل المعقود بزهور الزنط الحيسي، والمشاقر ذات الرياحين الزكية، بما فيها البهارات والمكسرات التي تأتي من خارج المدينة والمحافظة، ويُباع فيه أيضاً ملابس الخياطات ذات الصُنع المحلي الشعبي الذي يحمل الثرات التهامي وملبوسات أخرى حديثة.

ومن بين زحمة السوق ووسط المعروضات للخضروات وارتفاع أصوات مكبرات الصوت المُعلنة والمُروجة بالمنتجات، يسرد المواطن علي عبدالرؤوف، أهمية هذا السوق وتفاصيل الإنسان البسيط وقضاء يومه لشراء احتياجاته المنزلية قائلاً: يمثل كتذكار أسبوعي في عرض المنتجات والموروثات القديمة.

وواصل المواطن علي حديثه، أنا عندما أذهب للتسوق أجد كل احتياجاتي في السوق الشعبي وبمبلغ زهيد يختلف عن المحلات التجارية، اشترى مقاضي الأُسبوع من الخصروات كالبطاط والطماطم والبسباس والحُمَر وغيرها من الاحتياجات الاستهلاكية المطبخية، وكذا الفواكه التي تأتي طازجة ومحصولها (طري) وجميعها تأتي من غالبية المزارع التهامية.

أقسام وعد الإثنين

في المرباع أو سوق الوعد أو الإثنين، ثمة أقسام، وتشكل منها لوحة السوق الأسبوعي، قسم للأغنام والأبقار وآخر للحَمير والجِمال، وبالقرب منهم، سوق الطيور، كالحمام والدجاج وغيرها، وهي مهنة كسبٍ وفائدةٍ لمن يعيشون على تربية الحيوانات. 

المنتجات المحلية والفخاريات 

وتمتاز حيس عن سواها من المدن المجاورة ببعض المنتجات المحلية، ومن أبرزها الحلاوة الحيسي، إضافة للصناعات الفخارية ذات الاستخدام المنزلي، وعدد من المشغولات اليدوية التي تصنع من سعف النخيل، ومنها الحياسي، كـ(الفناجين وزبادي الفَتَّة وشربة الماء والجرة والبُرمة والكُوز، والموفى (التنور الطيني) وهي ذات استخدام منزلي، ويشمل عرض الصناعات الخزفية المصنوعة بأياد حيسية، مثل الكوافي المحبب، والمصرفة، والحِبال، وغيرها من المقاعد (الأسِرة الخشبية) أو ما تسمى بالمنابر، وهي مصنوعات تتميز بجمال فريد لافت صُنعت بالأنامل التهامية.

يقول مدير مكتب الثقافة بحيس أحمد حسن حمنه في تصريح خاص "لنيوزيمن" وباعتباره أحد أبناء هذه المديرية: سوق المرباع يعتبر سوقا تجاريا أسبوعيا ويجد فيه الناس كل احتياجاتهم من المواشي والخضروات والفواكه والحبوب والمواد الغذائية والأدوات المنزلية وغيرها، ويعود ذلك بمردود اقتصادي لرواده.

وأضاف حمنه، إن السوق يشكل ملتقى اُسبوعيا لجميع فئات المجتمع من الريف والمدينة، ويلقى الناس العاطلون عن العمل أعمالاً في هذا السوق، ويعتبر موعدا لملاك الأراضي من أهالي مدينة حيس والمزارعين من أهالي الريف للقاء في استلام بيع المحاصيل الزراعية، مؤكداً أنه يعتبر أيضاً حافزاً لأبناء المديرية في التسوق لشراء الخضروات والمنتجات الزراعية المحلية والحيوانية، مثل: الجبن والبيض والسمن البلدي والعسل وغيرها، حيث يلقى المواطن نوعا من التخفيض في شراء ما يريده حسب قدرته الشرائية.

التحرير أعاد الحياة للسوق 

مع تحرير مركز مدينة حيس في 5 فبراير العام 2018، فرضت مليشيا الحوثي المسلحة حصاراً مطبقاً على الأهالي طيلة 4 سنوات وعزلت أهالي الريف عن المدينة وقطعت كل الطرقات المؤدية لحيس، بل قامت بتلغيمها وتفخيخها، حتى إن حيس وسوقها أصبحت الحركة الاقتصادية فيها شبه مشلولة، وسوقها الأسبوعي تأثر تماماً نتيجة غياب المنتجات المحلية وبالأخص المواشي والخضروات وغيرها التي كانت تأتي من الريف.

وبعد استكمال تحرير قرى المدينة من الجماعة الحوثية في نوفمبر 2021م، تنفس السوق الصعداء وعادت إليه مظاهر الحياة وعاد أهالي الريف إلى مدينتهم التي تعد شريان الحياة لهم، وفيه يجلبون مواشيهم، والقادمون من المدينة وخارجها بالمنتجات.

وعبر عدد من أهالي ريف حيس المتواجدين في سوق المرباع عن فرحتهم الغامرة التي صنعتها القوات المشتركة في استكمال تحرير ريف المدينة وفتح كافة الطرقات للمواطنين بعد أن قطعت مليشيا الحوثي عليهم الطرقات بالألغام، لافتين أنهم كانوا يقطعون مسافات تستغرق ساعات وبمبالغ مالية باهظة، ومنعتهم المليشيا من الوصول إلى مركز مدينة حيس التي تعد بمثابة الشريان والمتنفس الوحيد لأهالي الريف.