وصايا الأئمة الهالكين.. تجريف حوثي لأراضي الأوقاف في صنعاء

تقارير - Sunday 16 April 2023 الساعة 01:34 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تمارس مليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، مخطط تجريف واسع لأراضي الوقف في صنعاء وباقي مناطق سيطرتها، عبر عمليات نهب منظمة تقودها قيادات حوثية، تحت مبرر "استرداد الحق القديم".

مؤخرا، بدأت قيادات حوثية عبر وزارة الأوقاف الخاضعة لسيطرتهم في صنعاء، بمصادرة حي سكني بالكامل غرب صنعاء، والتخطيط لإزالة أكثر من 500 متجر قديم من مدينة صنعاء القديمة. ناهيك عن البسط والاستيلاء على مساحات كبيرة وعقارات تابعة لوزارة الأوقاف في صنعاء التي تخضع لسيطرتها، وأخرى تابعة لمواطنين تم أخذها بقوة السلاح تحت مبررات واهية ومخطوطات تعود إلى نحو 7 قرون.

نهب منظم 

عمليات النهب التي تقودها قيادات حوثية بارزة منظمة ومدروسة، وبرز هذا الأمر في عملية مصادرة حي عصر، أحد الأحياء الغربية في صنعاء، الذي تقطنه مئات الأسر منذ عشرات السنين. وبدأ التخطيط للاستيلاء على هذا الحي بما فيه من مبانٍ وأراضٍ زراعية ومرتفعات قبل نحو عام، من خلال الادعاء بأن لديهم وثيقة لأحد الأئمة قبل 700 عام، تنص على أن الحي وقف لصالح سلالة الحوثي دون غيرها.

ويقود رئيس ما تُسمى «هيئة الأوقاف»، عبد المجيد الحوثي، والمشرف الحوثي على مدينة صنعاء، خالد المداني، عملية مصادرة ملكية أراضي حي عصر، بعد فرض جباية بنسبة 20 بالمائة، حيث تم الضغط على السكان الأساسيين للإقرار بأن منازلهم وأراضيهم ومحلاتهم التجارية ليست لهم، إلى جانب فرض عقود شهرية تجبرهم على دفع إيجارات شهرية لصالح الهيئة الحوثية.

وخلال الأعوام الماضية، برزت أسماء قيادات حوثية في صنعاء، تشرف على عمليات مصادرة أراضي وعقارات الوقف، في أكبر عملية تجريف تشهدها المدينة منذ عقود طويلة. فخلال الثلاث السنوات الأخيرة تمكنت تلك القيادات من البسط والاستيلاء على مساحات كبيرة من أملاك الوقف تتجاوز قيمتها ملايين الريالات، حيث تقوم تلك القيادات بنقل ملكية ما ينهبونه إلى أسماء قيادات عليا حوثية.

وأكد سفير اليمن في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، محمد جميح، أن ميليشيا الحوثي أنشأت أجنحة وأجهزة ومؤسسات ومناصب لغرض مصادرة الأراضي ونهب المؤسسات العامة والخاصة، وأبرز هذه المؤسسات ما تسمى «اللجنة العسكرية» و«المنظومة العدلية» ناهيك عن «سلطة الأوقاف» وما يسمى «الحارس القضائي».

وأضاف إن هذه المؤسسات وقياداتها تعطي المسوغات القانونية لنهب أراضي المواطنين، والسطو على الأسواق التجارية والمؤسسات الأهلية، ومصادرة أموال وممتلكات آلاف المواطنين. وتتبع هذه المؤسسات والاجهزة مراكز قوى مختلفة داخل جماعة الحوثي وتعمل كمؤسسات استثمارية خاصة لقياداتهم.

رصد دولي

وأورد آخر تقارير للجنة خبراء الأمم المتحدة، مصادرة الحوثيين لأراضي المواطنين في أكثر من منطقة، وأكد التقرير مصادرتهم لمساحة تقدر بقرابة 13 مليون متر مربع من أراضي السكان في مديرية واحدة فقط من محافظة الحديدة، هي مديرية بيت الفقيه، ناهيك عن أراض أخرى في المحافظة قدرت قيمتها بـ190 مليون دولار، وهذه الأراضي تعود لمواطنين وقبائل ثبتت ملكيتهم لها وتوارثوها على مدى قرون طويلة.

كما وثق تقرير فريق خبراء العقوبات الدولية مصادرة الحوثيين لأراضي منطقة بني مطر غرب صنعاء تحديدا في وادي الجعادب وبيت نعامة ووادي المساجد وبني حاتم. واتهم الميليشيات بانتهاج استراتيجية عنيفة واسعة للسيطرة على العقارات، بمساحات تصل إلى آلاف الكيلومترات في عدة محافظات، ضمن سعي المليشيا لتعزيز مواردها المالية.

المواقع الأثرية هدف جديد

ولم تسلم المواقع الأثرية والتاريخية في صنعاء من عملية التجريف الحوثية، حيث بدأت الميليشيات التخطيط لإزالة أكثر من 500 متجر في 4 أسواق حرفية في قلب مدينة صنعاء القديمة المدرَجة على قائمة مواقع التراث العالمي بهدف إنشاء مزارات شيعية مماثلة للمزارات في إيران والعرق. التحرك الحوثي دفع بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم (يونيسكو) إلى الخروج من صمتها وإرسال تحذيرات لمليشيا الحوثي من مغبة المساس بهذه الأسواق أو إجراء استحداثات داخل المدينة التاريخية.

وقالت مديرة اليونسكو، أودري أزولاي، إن المنظمة الدولية تعارض أي خطوة يمكن أن تضر بطابع صنعاء التقليدي، وتهدد إدراجها على قائمة التراث العالمي. ويقضي المخطط الحوثي بهدم عدد من أسواق المدينة القديمة، وهي: "الحلقة والمحدادة والمنقالة والعرج والعسوب"، التي تعد معالم تاريخية وحضارية، مدرجة ضمن التراث العالمي.

وأوضح سفير اليمن في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) محمد جميح، أن مؤسسات مختلفة تتبع مليشيات الحوثي في صنعاء كشفت عن مشروع إقامة منشآت دينية حديثة في قلب مدينة صنعاء القديمة المصنفة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، حيث نشر الحوثيون تصاميم للمخطط الجديد الذي ينوون تنفيذه في قلب المدينة التاريخية، غير آبهين بحقيقة أن هذه الإنشاءات المستحدثة التي ستضر بوضعية صنعاء على قائمة التراث العالمي الذي لا يجب إحداث أي تغيير فيه وفقاً للوائح اليونسكو.

وأوضح أن الاستحداثات الحوثية ستكون بديلاً عن الأسواق التقليدية التي تحوي مئات المحلات الصغيرة في قلب المدينة التاريخية. حيث برر الحوثيون ذلك بالقول إن تلك الأسواق هي «وقف الإمام علي بن أبي طالب» زاعمين أن الإمام وصل إلى صنعاء وتجمع الناس حوله للاستماع إليه، وبالتالي فإن كل تلك المساحات التي تشكل جزءاً كبيراً من صنعاء القديمة أصبحت وقفاً للإمام.