المرتبات وإيرادات النفط والغاز.. ملف معقد واختبار حقيقي لنوايا السلام

تقارير - Tuesday 11 April 2023 الساعة 11:44 pm
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

بانتظار الإعلان الرسمي عن بنود الاتفاق الجديد للهدنة في اليمن والتوقيع عليه، يبرز ملف صرف الرواتب بمناطق سيطرة الحوثي كأحد أهم البنود التي سيتضمنها الاتفاق وأعقدها في ذات الوقت، ما يجعل منه عاملاً حاسماً في نجاح أو فشل تنفيذ الاتفاق.

ومثَّل هذا البند أهم الذرائع التي رفعتها جماعة الحوثي لرفض تمديد اتفاق الهدنة المعلنة في أبريل من العام الماضي، عقب انتهائها مطلع أكتوبر الماضي، ليتحول هذا البند لاحقاً إلى أحد بنود المفاوضات السرية بين الجماعة والسعودية في عُمان، والتي أثمرت توافقاً أولياً على الاتفاق الجديد.

وفي حين تتجه الأنظار إلى ما ستخرج به زيارة الوفد السعودي والعُماني إلى صنعاء ولقاؤها بقيادة جماعة الحوثي، أظهرت تصريحات صادرة عن الجماعة وعن خصومها اهتماماً واضحاً بملف الرواتب، وتكشف من جانب آخر وجود خلاف مؤجل حول هذا الملف وعدم وجود آلية تنفيذية متفق عليها تتجنب تعقيداته.

القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي قال في تصريحات له نقلها إعلام الجماعة مساء الاثنين، بأن الحوار الحالي مع الوفد السعودي والعُماني في صنعاء "لم يبرح الملف الإنساني، وفي مقدمها الرواتب"، ما يشير إلى أن بند الرواتب لا يزال محل نقاش ولم يحسم بعد.

وفي ذات الوقت كشفت تصريحات لعضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، خلال لقائه بالرياض سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن ستيفن فاجن، عن غياب اتفاق واضح حول بند الرواتب، ووجود آلية واضحة لتنفيذه.

حيث شدد العميد طارق، خلال حديثه للسفير السعودي، على "أهمية التزام جميع الأطراف بالسلام، الذي يجب أن يفضي إلى رفع المعاناة عن أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات، بما في ذلك صرف مرتبات الموظفين وفق آلية تضمن وصولها لموظفي الدولة دون استغلالية لتوظيف سياسي أو إجبار الموظفين على الانخراط في أجندة ميليشاوية".

حديث العميد طارق يسلط الضوء على جانب واحد من جوانب التعقيدات التي تحيط ببند صرف المرتبات بمناطق سيطرة جماعة الحوثي في حالة غياب اتفاق واضح حول آلية محددة لتنفيذ هذا البند وتمنع أي تفسيرات خاصة قد تقدمها أطراف الاتفاق وبخاصة جماعة الحوثي التي شنت العام الماضي هجمات ضد موانئ تصدير النفط بالمحافظات المحررة ونجحت في وقف تصديره منذ 5 أشهر، تحت شماعة صرف المرتبات من عائدات النفط.

صرف المرتبات، كما تراه الجماعة، يتلخص في تقاسم عائدات النفط والغاز بحسب نسبة الكثافة السكانية ووفق "أرقام" بند المرتبات في موازنة عام 2014م آخر موازنة للدولة قبل الحرب، ما يعني رفض ما تطرحه الحكومة ومعها المجتمع الدولي بأن يقتصر الأمر على "الموظفين المدنيين ووفق كشوف 2014م".

أي أن الجماعة تسعى للحصول على حصة محددة من عائدات النفط والغاز تتولى هي صرفها كمرتبات في مناطق سيطرتها للموظفين والعسكريين، وغالبيتهم من الموالين لها بدلاً من كشوف عام 2014م، وهو ما حذر منه العميد طارق في لقائه مع السفير الأمريكي.

كما أن جماعة الحوثي –عبر طرحها هذا– تسعى إلى القفز على بند توحيد العملة وإلغاء قرارها بمنع تداول العملة في مناطق سيطرتها، من خلال طرحها لتقاسم عائدات النفط والغاز بالعملة الصعبة، فضلاً عن استحالة تحقيق ذلك، بالنظر إلى حقائق الأرقام التي تشير إلى أن العائدات خلال العام الماضي 2022م لم تتجاوز 1,8 مليار دولار، مقارنة ببند الرواتب في موازنة 2014م بلغ نحو 970 ملياراً أي نحو 4,6 مليار دولار وفق سعر الصرف حينها.

وفي ظل واقع الانقسام المالي وتباين أسعار الصرف بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة الحوثي، فإن مصير بند الرواتب سيبقى مرتبطاً بمسألة توحيد السياسة المالية عبر توحيد العملة وإدارة البنك المركزي إصلاح الوضع المالي والاقتصادي المختل جراء العبث الذي مارسته جماعة الحوثي وسلوكها "الانفصالي" وآخرها وأخطرها إقرار قانون منع التعاملات الربوية والذي يهدد بإفلاس البنوك التجارية، ولا تزال الجماعة ماضية في تنفيذه على الرغم من المفاوضات الجارية.

وإلى جانب كل ذلك، فلا تزال مسألة إمكانية استئناف تصدير النفط خلال الفترة القادمة محل شك حالياً، حيث صرح رئيس مجلس القيادة الرئاسي في لقاء تلفزيوني مطلع العام بأن إصلاح الضرر الناتج عن هجمات جماعة الحوثي على ميناء الضبة في حضرموت قد يستغرق نحو 6 أشهر، بالإضافة إلى أن الحديث عن تقاسم عائدات النفط يغيب عنه ما تأخذه المحافظات المنتجة من نسبة تصل إلى 25% من العائدات، بحسب قرار اعتمده الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.