احتجاز وسرقة وتلف.. خيارات مريرة داخل منافذ الجمارك الحوثية

تقارير - Tuesday 04 April 2023 الساعة 11:45 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

تتعمد مليشيا الحوثي الإرهابية، الذراع الإيرانية في اليمن، احتجاز المئات من الشاحنات التجارية في منافذها الجمركية الانفصالية في مداخل المحافظات الواقعة تحت سيطرتها.

وتهدف المليشيات من إقامة هذه المنافذ إلى جني مزيد من الموارد المالية، عبر فرض رسوم جمركية جديدة غير قانونية على البضائع والسلع والواردات القادمة من المنافذ الرئيسية لليمن.

وضاعف الحوثيون من إنشاء مثل هكذا منافذ جمركية على طول الشريط الحدودي الفاصل بين المحافظات الخاضعة لسيطرتهم والخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. حيث يتم فرض جبايات كبيرة على أصحاب البضائع القادمة من المناطق المحررة وعلى سائقي الشاحنات والمسافرين.

وتركز تلك المنافذ الحوثية على حجز الشاحنات التجارية التي تحمل بضائع متنوعة للأسواق المحلية في مناطق سيطرتهم. حيث يتم فرض رسوم جمركية إضافية على ملاك تلك البضائع للسماح لهم بالمرور، في حين يتم حجز البضائع التي يعجز أصحابها عن تسديد رسوم جمركية (إضافية) تفرض الميليشيات على سائقيها للمرة الثانية، مع أنهم قد سلموا جماركها في أول منفذ جمركي رئيسي تصل إليه من خارج اليمن.

ما تفرضه المليشيات الحوثية من جبايات باهظة أرهق كاهل التجار والمستوردين وزاد من الأعباء المالية التي عكست بدورها في ارتفاع الأسعار على المواطنين. وقادت هذه الجبايات الجمركية الكثير من المستوردين والتجار إلى الإفلاس وفرار معظمهم إلى مناطق سيطرة الحكومة وافتتاح مخازن رئيسية لهم في تلك المحافظات لتفادي المرور من تلك المنافذ الحوثية. 

لم تكتف الميليشيات بما تفرضه من رسوم غير قانونية عبر ما تسميها المنافذ الجمركية. بل ارسلت عصاباتها للتضييق على التجار بهدف ابتزاز سائقي ناقلات البضائع ونهب اموالهم دون مسوغ قانوني.

عصابات سرقة حوثية 

ويشكو سائقو قاطرات نقل البضائع والشاحنات الواصلة من المناطق المحررة، من عمليات سرقة ونهب منظمة من قبل عصابات حوثية ترتبط زعاماتها بقيادات حوثية بارزة في صنعاء. 

يقول أحد سائقي الشاحنات لـ"نيوزيمن": تواجد على الطرق في مناطق سيطرة الحوثي عصابة مكونة من اثنين إلى ثلاثة أفراد مسلحين، تقوم باعتراض الشاحنة او القاطرة المحملة بالبضائع في اماكن متفرقة في صنعاء أو ضواحيها.. حيث يتم توجيه اتهامات كيدية للسائق، بينها قطع خط كهربائي وانترنت وانبوب مياه، قبل أن يتم فرض غرامة تصل إلى 100 ألف ريال وأكثر.

ولفت السائق -الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من ملاحقته من قبل الحوثيين-  أن العصابات المتنقلة تارة على متن "دراجة نارية" واحيانا فوق سيارة "تاكسي" أجرة، وتارة أخرى فوق أطقم عسكرية، تستخدم تلك العناصر أسلوب الترهيب والترويع تحت تهديد السلاح، للايقاع بالعديد من سائقي الشاحنات والقاطرات وسلبهم اموالهم دون وجه حق في شوارع رئيسية وانحاء متفرقة بصنعاء.

وحمل السائق مليشيا الحوثي مسؤولية استمرار جرائم هذه العصابات واتهمها بالتواطؤ والتقاعس في القاء القبض عليها والتستر عليها وحمايتها رغم امكانية معرفة هويات اعضائها كون اغلب شوارع صنعاء نصبت الجماعة فيها كاميرات مراقبة.

منفذ الراهدة مثال للتعنت 

منذ مطلع مارس الماضي، تواصل مليشيا الحوثي احتجاز 38 شاحنة محملة بالأرز في منفذ الراهدة للجبايات الواقع بالمدخل الجنوبي لمحافظة تعز، في الوقت الذي تحتجز فيه 180 شاحنة تجارية أخرى تحمل مواد غذائية متنوعة منذ قرابة الشهرين في المنفذ ذاته، والذي حولته المليشيا إلى نقطة جباية جديدة غير شرعية لنهب أموال التجار ورفع أسعار السلع الغذائية على المواطنين.

وشكا سائقو شاحنات نقل البضائع لـ"نيوزيمن" من ما وصفوه تعنت الحوثيين في منفذ الراهدة واستمرار احتجاز شاحناتهم القادمة من عدن والمحملة بالأرز والدقيق والمواد الغذائية دون مبرر منذ الخامس من مارس الماضي رغم استكمالهم الإجراءات الجمركية.

وعبر السائقون عن مخاوفهم من تلف بضائعهم جراء هطول الأمطار وبقائها في الشمس لفترات طويلة، خصوصا بعد مضاعفة مصاريفهم جراء مكوثهم إثر احتجازهم لمدة طويلة، وهو ما سيتحمله المواطن البسيط في الزيادة السعرية على البضائع المحتجزة.

منفذ عفار في البيضاء.. سرقة وتلف للبضائع

مؤخراً، منعت مليشيا الحوثي سائقي الشاحنات المحملة بالإسمنت من المرور من منفذ عفار الجمركي بمحافظة البيضاء واحتجزت العديد منها رافضة السماح بعودتها منذ شهر. وهذا الإجراء التعسفي تحول إلى ضرر على سائقي الشاحنات الذين تعرضوا لعمليات سرقة في ساحة معسكر السوادية الذي خصصته الميليشيات كحجز للمنفذ الجمركي التابع لهم.

وحصل "نيوزيمن" على شكوى مقدمة من خمسة سائقين للشاحنات المحملة باسمنت الوطنية، موجهة لقيادي حوثي معين مديرا عاما لمنفذ عفار تطالبه بالتحقيق بخصوص واقعة سرقة خزانات الوقود الخاصة بأربع "شاحنات نقل" بما تحتويه من مادة "الديزل" أثناء ما كانت متواجدة بساحة معسكر السوادية.

وأكد السائقون أن كميات كبيرة من الاسمنت تعرضت للتحجر جراء هطول الأمطار، مما قد يعرضها للتلف بسبب الاحتجاز التعسفي منذ اكثر من شهر، داعين مصلحة الجمارك الحوثية لتحمل المسؤولية تجاه شاحناتهم المحتجزة وتعويضهم، كون الشاحنات متواجدة في حرم المنفذ ومادة الديزل ما زالت دينا في رقابهم.

وأضافوا إن الميليشيات الحوثية ترفض عمل حراسة للشاحنات المحتجزة في ساحة الاحتجاز، أو ترك مالكيها وسائقيها يعودون من حيث وصلوا وعدم تعطيلهم، كون الشاحنات مصدر رزقهم الوحيد لإعالة أسرهم.

إدانة حكومية

وفي السياق، أدانت الحكومة اليمنية، بأشد العبارات استمرار مليشيا الحوثي في استخدام سياسة التجويع كسلاح لمواجهة المدنيين المحاصرين في مدينة تعز خاصة والمناطق الخاضعة لسيطرتها عامة.

جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، مساء الجمعة، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

وقال البيان، "نتابع ما يتعرض له المواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين من انتهاك صارخ يهدد حياة الملايين دون مراعاة لقدسية الشهر الفضيل، في ضوء ما تقوم به المليشيا الإرهابية من احتجاز لمئات الشاحنات المحملة بالدقيق".

وأضاف البيان، إن المليشيا "تحتجز 180 شاحنة منذ قرابة الشهر في منطقة الراهدة المدخل الجنوبي لمحافظة تعز، والتي حولتها المليشيا إلى نقطة جباية جديدة غير شرعية لنهب أموال التجار ورفع أسعار السلع الغذائية على المواطنين".

وأكد أن ما تقوم به المليشيا من منع مرور شاحنات الغذاء إلى المحافظات الخاضعة لسيطرتها يُعد جريمة حرب ضد الإنسانية يتوجب على المجتمع الدولي التدخل والضغط على المليشيا.

وذكر البيان، أن المليشيا الحوثية، تستخدم الغذاء كسلاح وعقاب ضد أبناء الشعب اليمني "ما يُنذر بكارثة لا تعي المليشيا تداعياتها". ولفت إلى أن هذا الحصار والمنع يأتي بعد طيش التصرفات من قبل المليشيا لنسف النظام المالي المصرفي الذي تقوم عليه جميع المعاملات التجارية الداخلية والخارجية وهذا ينم عن غياب المسؤولية وعدم تقدير العواقب.

ودعت وزارة الصناعة، المنظمات الدولية العاملة في اليمن للالتفات لهذه الممارسات غير الإنسانية ورصدها وإطلاع المجتمع الدولي عليها للقيام بدوره في منع مفاقمة الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

وأشارت إلى أن النهج اللا أخلاقي الذي تتبعه مليشيا الحوثي في عدوانها على الشعب اليمني يوضح الطبيعة الإجرامية لهذه المليشيا ورفضها لدعوات السلام والجهود التي تبذل لتحقيق تسوية سياسية في اليمن.