تسمّم الطالبات في إيران.. غموض مستمر وغضب شعبي متصاعد

العالم - Monday 06 March 2023 الساعة 05:52 pm
نيوزيمن، وكالات:

تصاعد الغضب الشعبي في إيران الأحد، مع استمرار تسجيل حالات جديدة لتسمّم يطال تلميذات في مدارس الفتيات في عدّة مناطق، بينما لا يزال الغموض يلف القضية.

وبعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدء الهجمات بالغاز على مدارس البنات في عدة مدن إيرانية، وصفها بعض أعضاء البرلمان بأنها "متعمدة" و"ذات طابع أمني"، إلا أن القضاء وسلطات الأمن والمسؤولين الحكوميين الذين وعدوا بفتح تحقيق لم يعلنوا حتى الآن عن أي تفاصيل حول هوية الفاعلين ونوعية المواد المستخدمة في الهجمات.

وبدل الاستجابة لأسئلة الأهالي الذين تجمعوا أمام مبني وزارة التربية والتعليم والبرلمان والمدارس التي تمت فيها الهجمات، قامت قوات الأمن بالاعتداء على ذوي الطالبات وتفريقهم بالقوة.

وتوسعت الهجمات بالمواد الكيمياوية ضد الفتيات في المدارس الإيرانية حتى صبيحة الأحد، الخامس من مارس لتشمل أكثر من 33 مدينة وبلدة في 17 محافظة، وسط اتهامات من قبل سياسيين ونواب وناشطين لجماعات "متشددة ومتنفذة" قالوا إن هدفها الانتقام من انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" التي هزت أركان نظام ولاية الفقيه خلال خمسة أشهر من الاحتجاجات العارمة.

ويوماً بعد آخر، تتكرّر الظاهرة: تلميذات في مدارس الفتيات يتنشّقن روائح "كريهة" أو "غير معروفة" ثمّ تظهر عليهن عوارض مثل الغثيان وضيق التنفّس والدوخة.

ورغم نقل بعضهن إلى المستشفى لفترة وجيزة، إلّا أنّ أيّ منهن لم تتأثّر بشكل خطير إلى الآن.

وتمّ الأحد الإبلاغ عن تسمّم عدد من الطالبات في مدرستين ثانويتين للبنات، في أبهار (غرب) والأهواز (جنوب غرب)، وفي مدرسة ابتدائية في زنجان (غرب)، حسبما أفادت وكالة الأنباء "إسنا" نقلاً عن مسؤولين صحيين محليين.

كما طالت حالات التسمّم تلميذات في مدارس مدينة "مشهد" (شمال شرق) وشيراز (جنوب) وأصفهان (وسط)، بحسب وكالتي الأنباء مهر وإيلنا.

وتعرّضت مئات التلميذات لتسمّم بالغاز في عشرات من مراكز التعليم خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، وفقاً للأرقام الرسمية.

 فيما أعلن رئيس جامعة الأهواز للعلوم الطبية عن تسمم 312 طالبة إيرانية في الأهواز.

وقالت تلميذة للتلفزيون: "انتشرت رائحة كريهة للغاية فجأة وشعرت بالإعياء وسقطت على الأرض".

كذلك، قالت باراستو، وهي طالبة في مدرسة بروجرد (غرب)، لصحيفة "هام ميهان"، إنها نُقلت إلى المستشفى بعدما "شعرت بغثيان وألم شديد" في صدرها.

وأوضح طبيب طوارئ في مستشفى هذه المدينة أنّ "غالبية الطالبات" يُظهرن "عوارض صداع، مشاكل تنفسية، خمول، غثيان وانخفاض ضغط الدم".

 ووصفت "جمعية المدرسين والباحثين في حوزة قم الدينية" الهجمات على المدارس وتسميم الطالبات بأنها "هجمات كيمياوية وبيولوجية"، وتهدف إلى "إثارة الرعب لمنع الفتيات من الدراسة" و"خلق الذعر والهلع".

وحذرت الجمعية، المقربة من الإصلاحيين، السلطات الإيرانية من أنه في ظل "المشاكل المعيشية" و"عدم كفاءة الحكومة" و"أزمة شرعية النظام"، فإن مهاجمة المدارس وتسميم الطلاب "لن تؤدي إلا إلى زيادة استياء المجتمع الغاضب من الحكومة".

من جهته، قال محمد رضا هاشميان، المتخصص في قسم الرعاية الخاصة بمستشفى "مسيح دانشوري" بطهران، في مقابلة مع صحيفة "هم ميهن"، إن الغازات المستخدمة في الهجمات ضد الطالبات لا يمكن الحصول عليها من قبل المواطنين العاديين.

ولم يتمكن المسؤولون من تحديد سبب هذا التسمم والعديد من الحالات الأخرى بين الطالبات.

 لكن مع تصاعد احتجاجات ذوي الطالبات مع تكرار الحوادث المشابهة في أربع مناطق على الأقل (في العاصمة طهران وفي مدن أصفهان وأردبيل وبروجرد)، اضطرت السلطات إلى الاعتراف بوقوع الهجمات دون أن تبين ماهيتها.

وقال مسؤول في وزارة الصحة الأسبوع الماضي إنّ "بعض الأفراد" يسعون عبر ذلك إلى "إغلاق كل المدارس، خصوصاً مدارس الفتيات".

وتحدث وزير الداخلية أحمد وحيدي في بيان نشر مساء السبت، عن اكتشاف "عينات مشبوهة" خلال "البحث الميداني"، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

من جهته، طالب الرئيس إبراهيم رئيسي الجمعة، وزارتي الداخلية والاستخبارات بـما أسماه "إفشال مؤامرة العدو الهادفة إلى بث الخوف واليأس بين السكان".

وأشار رئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني العميد غلام رضا جلالي الأحد، إلى أنّ مدارس البلاد "غارقة في حالة من الذعر الاجتماعي".

وأضاف "أنا لا أقول إنّ حالات التسمّم ليست حقيقية، لكن غرس الخوف العام قد يزيد بشكل كبير من عدد الضحايا".

بدوره، اتهم نائب وزير الداخلية ماجد مرحمدي، "مسببي حالات تسمم الفتيات" بالرغبة في "إغلاق المدارس" و"إلقاء اللوم على النظام" من أجل "إحياء أعمال الشغب الخامدة".

وأظهرت لقطات فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرين في طهران وهم يرددون شعارات مناهضة للنظام خلال الأيام الماضية، بما في ذلك "عدونا هنا وليست أميركا"، وذلك رداً على تصريحات المسؤولين الذين نسبوا الهجمات إلى "الأعداء" و"الجهات الخارجية" تهرباً من المسؤولية.

ويقول سياسيون وناشطون إن طريقة تعاطي السلطات مع الهجمات تعزز الشكوك والتهم حول تواطؤ أعلى هرم النظام مع الجماعات الفاعلة والتي تلتقي أهدافها معهم في إسكات وتخويف الفتيات بسبب دورهن البارز في حراك "المرأة والحياة والحرية".