فقدان صيادين في المخا يكشف تلاعباً كبيراً بأموال الإنقاذ

المخا تهامة - Friday 13 January 2023 الساعة 07:10 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

على وقع فقدان 7 صيادين من أبناء المخا في عرض البحر، والعثور لاحقاً بعد ثلاثة أيام على جثامينهم، فتح الكثير من التساؤلات حول تأخر عملية البحث من اللحظة الأولى للتأكد من فقدانهم.

وفي موسم الرياح الموسمية، المسمى محلياً "الأزيب" في سواحل البحر الأحمر، تكون التحذيرات متكررة للصيادين من مغبة الخروج إلى البحر والاصطياد في الأعماق، لكن بعض الصيادين لا يجدون شيئاً لإطعام أسرهم، فيضطرون للذهاب في رحلات هلاك حتمية، إما تغمرهم الأمواج أو تتوقف محركاتهم ويظلون عرضة للموت طوال فترة البحث عنهم، أو الخروج إلى جزيرة نائية تكون نهايتهم الحتمية هناك، وفي بعض الأحيان تكتب لهم النجاة بعد إيجادهم من فرق البحث التي تخرج لإنقاذهم.

بداية القصة والإهمال لحياة الصياد

قرر أحد صيادي أبناء مديرية المخا في الساحل الغربي، الخروج في رحلة صيد ليلية برفقة 6 آخرين من رفقائه، رحلة الصيد وكالمعتاد تستغرق نحو 16 ساعة، حيث يتوغل القارب لمسافات طويلة داخل المياه الدولية للبحث عن الرزق، ومن ثم العودة. خرج القارب والصيادون من مرفأ المخا مساء الأحد الماضي على أن يعودوا في السابعة من صباح الاثنين كما هو متوقع، لكن هائل غفاري ناخوذة القارب وستة صيادين معه لم يعودوا.

بعد التأكد من فقدانهم مساء الاثنين وانقطاع التواصل معهم. بدأت عملية البحث القريبة، بتجهيز قاربين تكفل بتجهيزهما صيادون وناشطون، وعند غروب يوم الثلاثاء عادوا دون أخبار سارة، ما دفع الصيادين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لتوجيه اتهامات لمسؤولي السلطة المحلية والمصائد السمكية في المخا بالتهرب من مساعدة الصيادين وتسيير عمليات بحث وإنقاذ للعثور عليهم. وكشفوا عن قيام جمعية الصيادين وهيئة المصائد السمكية والسلطة المحلية باستقطاع مبالغ يومية من قوت الصياد الذي يعود به إلى مركز الإنزال تحت غطاء "عملية الإنقاذ" في حال الفقدان والتعطل في عرض البحر.

وقال الناشط شوقي إبراهيم، في منشور على فيسبوك: "30 فلساً مخصصة لإنقاذ الصيادين، تسلم للجمعية وكان المفروض على الجمعية أن تنقذ بها الصيادين في هكذا حالات، ولكن الصدمة.. لم يجدوا مدير الجمعية فذهبوا إلى بيته فلم يخرج، اتصلوا به أرضي وسيار فلم يرد".

بدوره عاقل الصيادين هاشم الرفاعي، قال لـ"نيوزيمن": على مدى سنوات تكررت حوادث فقدان الصيادين في عرض البحر، وبعد استلام مركز الإنزال السمكي في المخا، من قبل قيادة المقاومة شرعنا باستلام حصة الساحة التي تستغل في إنقاذ الصيادين وعالجنا الكثير من الحالات المشابهة وانقذنا العديد من الصيادين في عمليات بحث ماراثونية دون أن نوجه مطالب مساعدة تجار أو فاعلي خير أو نطرق أبواب بيوت المسؤولين الذين يتعذرون عن الرد.

وأضاف عاقل الصيادين، بعد فقدان الصيادين السبعة قبل أيام، شاركنا بـ100 ألف ريال من ما بقي من مال الجمعية في عميلة الإنقاذ وكنا في السباق. ولكن قطعت السلطة المحلية بالمديرية، ومكتب هيئة المصائد السمكية ومدير الانزال السمكي موارد الجمعية من الساحة والمقدرة بـ30 فلساً، من أصل 1%، كما حددها قانون المصائد السمكي. فيما لم تفعل العائدات من الصيادين المقدرة 2%، لكننا تفاجأنا قبل خمسة أشهر بتوقف العوائد، فطالبناهم بتحمل المسؤولية ورواتب ونفقات المركز ومسؤولية حياة الصيادين وقواربهم وحياتهم.

ومنذ استجابة عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق محمد عبدالله صالح قبل ثلاث سنوات، لدعوة الصيادين في بناء مركز الإنزال السمكي في المخا، يخفف أعباء الصيادين من التنقل إلى مناطق واحجة ويختل البعيدتين عن المخا، حصل الصيادون على المركز كهدية من قائد المقاومة الوطنية مكرمة لشريحة الصيادين، على أن تكون تديره جمعيتهم الممثلة في جمعية الزيادي.

وإنشاء الإنزال السمكي بتمويل دولة الإمارات العربية المتحدة، عبر ذراعها الإنساني الهلال الأحمر، في سبيل تطوير قطاع الصيد على امتداد الساحل الغربي، مطلع العام 2020. 

تبادل الاتهام والتخلي عن المسؤولية

بحثنا بدورنا عن مدير المصائد السمكي في مركز إنزال المخا، سمير السيد وبعد عملية بحث مطولة وجدناه ولكن برد صادم.. حيث قال لـ"نيوزيمن": لا يملك شيئا من هذه الإيرادات، التي يدعي بها -أي 30 فلساً، وموارد الدولة المقدرة 3% هي دفع قيمة بترول للبحث، لأنه لديه مدير أعلى. ورفض الإجابة مع أسئلتنا عن هذا الموضوع.

في طريق بحثنا عن مشكلة الصيادين تبدأ من المفقودين السبعة، طرأت مشكلة تصفية حسابات وتسريب كشوف استلام وتسليم، وموارد، هاجمت رئيس الجمعية في وسائل التواصل الاجتماعي والهروب من المسؤولية.

اطلعنا على كشوف ووثائق الصرف المسربة، التي تعود إلى تاريخ 2021، في أوج موسم الصيد في مركز إنزال المخا، ويكشف حجم التضارب بهذا الإيرادات، وتغييب كشوف الحصول على نسب الدولة التي يجنيها مكتب المصائد السمكي بالمحافظة، وهي أكبر من هذا المبلغ بكثير إذ تقدر نسية الدولة 3% من مبيعات الصياد.

حصل الإنزال السمكي من يناير 2021، حتى يونيو على أزيد من 24 مليوناً، تقاسمت في نفقات عدة حصلت الجمعية منها على 8 ملايين نسبة 30 فلساً، 

بموجب ذلك تواصلنا مع رئيس هيئة مصائد البحر الأحمر خالد الشمسي، للحصول على تجاوب وأكد لـ"نيوزيمن"، أن الهيئة حريصة على الصيادين وفقا للأنظمة والقوانين واللوائح التي تنظم العمل ويجب علينا جميعا احترامها وتنفيذها. 

وأضاف: جميع مراكز الإنزال السمكي هي منافذ سيادية وليست ملكا للجمعيات، أنشئت هذه المراكز والموانئ السمكية من اجل خدمة جميع الصيادين ولتنظيم ادارة الموارد السمكية والحفاظ عليها وضمان استدامتها.

وأكد الشمسي أن المشكلة تكمن في جمعية الزيادي. وقال: "للعلم والاحاطة بأن المشكلة في المخا تحدد بأن هناك جمعية سمكية تريد الغاء تواجد الدولة والهيئة لغرض تحصيل الايرادات لصالحها وذلك بالمخالفة للقوانين واللوائح المنظمة للثروة السمكية وكذلك بالمخالفة لقانون انشاء الجمعيات".

وكان رئيس الصيادين طالب بـ80 قارب صيد تعود ملكيتها لصيادي المخا، كان من المقرر أن تشرع الوزارة بصرفها، ابتداءً من 2018، ملمحا إلى حرمان صيادي المخا منها والتلاعب بحصتهم.

من جانبها نفت هيئة المصائد في البحر الأحمر، هذا الادعاء، وقال إن مشروع توزيع الـ80 قارباً تعثر تنفيذه من قبل الوزارة لرفض وزارة المالية صرف مخصصاته للوزارة والهيئة، ولم تستلم الهيئة الـ80 قاربا حتى الآن، ولا تزال متابعة الوزارة جارية، وعندنا مذكرات رسمية ومتابعات بذلك.

وقال عاقل الصيادين هاشم الرفاعي، رغم توقيف الـ30 فلسا، من السلطة المحلية، ومركز الإنزال، إلا أن الجمعية ما زالت مستمرة في تفعيل الحراسة الليلة، دون رواتب، منذ شهر يوليو الماضي ويرفض المدير المعين للإنزال التعامل مع الجمعية، للمطالبة بتوفير الرواتب، ويرفضون أيضا تحمل مسؤولياتهم تجاه الصيادين.

أكدت المادة (67) من لائحة القانون "أن تستوفي عائدات الدولة من إنتاج الصيد التقليدي بواقع (3%) وتستوفي أجور خدمات الجهات التي تقدم الخدمة للصيادين العاملة في مراكز ومواقع البيع بالمزاد العلني وهذه النسبة القصوى من قيمة الاصطياد التقليدي هي فقط (8%) موزعة على الجهات التالية (3% للدولة، 2% للجمعيات السمكية، 2% للقائم على المزاد العلني، 1% لمالك الساحة).

ومنذ بدء تنفيذ القانون رقم (2) لسنة 2006م بشأن تنظيم الصيد واستغلال وحماية الأحياء المائية في اليمن، تنص على الأغلب، أن للجهات الخدمية الأخرى (الجمعيات والقائم على المزاد ومالك الساحة) كما يحددها القانون، 5٪، وأن الجمعيات التي تمتلك مساحات حراج وتقوم بعملية المزاد سيكون لها عائدات (5%) من قيمة الأسماك.

وخلف كل هذا التضارب في إيرادات الصيادين، تغيب هذه الجهات عند المسؤولية لإنقاذ حياة الصيادين بين فينة وأخرى، ويرى العديد من الصيادين ان عاقل الصيادين كان يقوم بكل ذلك دون ضجيج، ولديه عائد يوفر مصاريف وتمويل البحث.

بعد خذلان الصيادين المفقودين لأيام، تم العثور على جثامينهم فجر الخميس، قبالة شاطئ مدينة الحديدة، حيث كانت طافية قبالة ساحل منطقة الكثيب بمدينة الحديدة. فيما جثمان الصياد السابع عثر عليه على قاربهم المقلوب وموثقا بالحبال، على بعد 20 ميلا بحريا في منطقة العاري من ميناء الاصطياد بالحديدة.

ويؤكد رئيس جمعية الصيادين بالمخا، هاشم الرفاعي، أن شكوكا تحوم حول المصير الذي آل إليه الصيادون، إذا ما تم مقارنة الفترة الزمنية القصيرة بجثمان أحدهم الذي بدا متفحماً.

ويرى أن الصيادين قد يكونون تعرضوا لإطلاق نار قبالة الحديدة، وتم إلقاء جثثهم في المياه، لا سيما وأنه تم منع تصوير القارب أثناء العثور عليه بالقرب من ميناء الاصطياد بالحديدة.

ولا يمكن إعطاء تفسير معين حول سبب وقوع الحادثة، وإن كانت أغلب الترجيحات تربط ذلك بالأجواء المناخية، لا سيما وأن اليوم الذي اختفى فيه الصيادون شهد هبوب رياح قوية.

ويظل التساؤل الذي بحث الصيادون في المخا عن إجابته، لماذا يتم الاستمرار في عملية استقطاع النسب من قوت أسرنا في مركز الإنزال السمكي وفي المقابل لا يتحصل الصياد على حقه بالبحث عليه في حال فقدانه في عرض البحر ويترك حتى يموت وهو ينتظر أي بصيص من الأمل لإنقاذه بالمبالغ التي يتم أخذها منه؟!