شماعة المحرم.. سلاح حوثي ضد نساء اليمن

تقارير - Tuesday 27 December 2022 الساعة 10:20 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

الموظفة "ف. ن"، إحدى الكوادر التي تعمل في مصلحة الضرائب بصنعاء منذ سنوات طويلة وشارفت خدمتها في الوظيفة الحكومية على الانتهاء، تفاجأت وغيرها من الموظفات في المصلحة بقرار أصدرته قيادات حوثية بمنع خروجهن الميداني لتحصيل الضرائب من بعض القطاعات والمرافق والجهات الخاصة والعامة.

خطوة رأتها الموظفة "ف" مجحفة بحقها وبحق النساء العاملات في المصلحة ممن يؤدين واجبهن بتفان، على مدى سنوات طويلة.

بحسب الموظفة -رفضت الإفصاح عن هويتها خشية تعرضها للأذىـ أن القيادات الحوثية المسيطرة على مصلحة الضرائب، قدمت أسبابا كثيرة للمنع، بينها عدم جواز نزول المرأة للشارع بدون محرم، وضرورة بقائها في المكاتب حتى لا تكون فتنة في تحركاتها، وغيرها من التبريرات التي سعت القيادات الحوثية لتقديمها لتمرير قرارها.

الموظفة ردت على التبريرات الحوثية بالقول إن فرق النزول الميداني التي تسيرها مصلحة الضرائب للتحصيل، أصبحت حكراً على العناصر الحوثية التي تم تعيينها في المصلحة، حيث تقوم تلك الفرق بعمليات ابتزاز بحق التجار ورجال المال والأعمال وغيرها من المؤسسات والشركات الخاصة ولا تريد أي أحد يشارك في النزول لكي لا يفضح أمرهم.

وأوضحت: "كنت أنا وغيري من الموظفات في المصلحة نقوم بالنزول وتأدية الواجب، ونقوم بتوريد الأموال المحصلة إلى الحساب الحكومي، وتقوم المصلحة بصرف لنا المكافأة وبدلات النزول وغيرها، وكانت هذه المبالغ البسيطة تغطي احتياجاتنا بعد انقطاع المرتبات من قبل الحوثيين أنفسهم الذين يجنون من مصلحة الضرائب المليارات".

قيود متواصلة تفرضها ميليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن، من أجل تقييد النساء، بدءا من إغلاق المحال النسائية الخاصة بالرياضة والاستجمام، والمقاهي، وصوالين التجميل والكوافير، وصولاً إلى تقييد تحركات النساء ومنع تنقلاتهم بين المحافظات اليمنية بدون محرم، على حد وصف الميليشيات.

الإجراءات الحوثية المجحفة بحق المرأة اليمنية مشابهة للقيود التي تفرضها التنظيمات الإرهابية "داعش والقاعدة"، وحركة طالبان في أفغانستان، والتشكيلات الإرهابية التي تدعمها إيران في المنطقة العربية. 

حقوقيات يمنيات يرين أن هذه الإجراءات الحوثية تخدم الأهداف الدينية والسياسية على حد سواء، وتأتي لإرضاء الجناح الأكثر تشددا من الحوثيين. كما أن الحوثيين يستلهمون هذه القيود من النموذج الإيراني ونموذج نظام طالبان لقمع أي صوت معارض وتركيع المجتمع.

المرأة هدف الحوثي 

ظلت المرأة اليمنية تنعم بحرية العمل والتنقل بين المحافظات، بدون محرم، وعقب سيطرة الميليشيات الحوثية قبل 8 سنوات، أصبحت المرأة هدفاً رئيسياً لهذه الميليشيات المدعومة  من إيران، وأصبحت تتعرض للقتل والاختطاف والانتهاكات البشعة، وكذا تقييد عملها وتحركاتها داخل البلد وفقا لقواعد وقوانين اجتماعية ودينية مشددة أصدرتها هذه الميليشيات بعد سيطرتها على السلطة.

وتقول رضية المتوكل وهي ناشطة حقوقيّة يمنية، ومؤسِّسة ورئيسة منظمة يمنية لحقوق الإنسان إنه على الرغم من أن المجتمع اليمني لطالما كان محافظا “فهذه أول مرة يصدر فيها قرار بتحديد حرية التحرك للنساء من قبل سلطة رسمية”.

وبحسب المتوكل فإن التنقل أو السفر مع محرم يشكل سابقة “خطيرة للغاية” تعاقب بشكل خاص النساء العاملات مع اتجاه عام لتحديد وجودهن في الفضاء العام.

وتؤكد المتوكل أن هناك مقاومة كبيرة من قبل السكان والنساء بشكل خاص لمحاولات الحوثيين طلبنة المجتمع، خاصة في صنعاء التي لطالما عُرفت بالتنوع السكاني والجيل الجديد من اليمنيين الذي يرغب بالدفاع عن حقوقه.

ولكن تقول المتوكل إنها “معركة طويلة الأجل”، موضحة “لا نعلم من سيفوز في هذه المعركة لأنه في النهاية، الناس ضاقت وأرهقت".

جرائم بشعة بحق نساء اليمن

ستظل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الميليشيات الحوثية بحق نساء اليمن، نقطة سوداء في تاريخ البلد، وستظل الأجيال تتذكرها لعقود قادمة. فمنذ إشعال هذه الميليشيات المدعومة من إيران الحرب ضد الشعب اليمني في صيف 2014، تعرضت المرأة اليمنية لأبشع الجرائم والانتهاكات.

الانتهاكات بحق النساء تنوعت بين نفسية واجتماعية واقتصادية وجسدية، وبلغ بعضها حد القتل وتلفيق التهم الجنائية وغير الأخلاقية، وصدرت أحكام بالإعدام، فمعاناة النساء اليمنيات ستبقى ممتدة، لا سيّما لمن خسرن أمنهن ومكانتهن الاجتماعية ولا يستطعن العودة إلى ممارسة حياتهن الاجتماعية.

ويدير الحوثيون الجرائم والانتهاكات عبر جناح نسائي يعرف باسم «الزينبيات»، يقوم هذا الجناح بتنفيذ المهام الأمنية والمداهمات والاختطافات والنزول للمرافق الحكومية ومدارس البنات ومجالس النساء وغيرها من التجمعات النسوية من أجل إجبارهن على تنفيذ الإجراءات والقرارات الحوثية.

وبرزت أسماء قيادات نسائية حوثية متورطة بالانتهاكات والإشراف على تنفيذ المخطط الاستهدافي بحق النساء في صنعاء وريفها، بينها إشراق الشامي وحنان العزي وزهراء الحسني وزينب الغرباني وابتسام المحطوري ورقية الوزير .. وغيرهن.

انتهاك سافر 

في صنعاء تعجز "سامية سالم، 35 عاما، من لقاء زوجها الذي يعمل في محافظة حضرموت، بعد رفض الميليشيات الحوثي السماح بالسفر بدون محرم، حيث تضع الميليشيات اشتراطات كثيرة من أجل السماح بتنقل المرأة من محافظة إلى أخرى".

منظمة ميون لحقوق الإنسان، تصف هذه الإجراءات بأنها انتهاك سافر لحقوق الإنسان، وللمرأة وقيم المجتمع اليمني وأعرافه، وهي أيضاً آلية قمعية جديدة تنتهك حق النساء اليمنيات في التنقل بحرية داخل بلدها.

وأكدت المنظمة في بيان صادر عنها، أن جماعة الحوثي تنتهك حق النساء اليمنيات في التنقل وتعيد الوصاية على المرأة باعتبارها شخصا غير مؤهل للتحكم بحياته.

وتحصلت المنظمة على وثائق رسمية تؤكد تعميم جماعة الحوثيين لأجهزتها الأمنية بمنع تنقل النساء ومغادرتهن إلى أي مناطق أخرى إلا بوجود وصي (محرم)  أو أخذ موافقة أمنية عليا تتيح لها التنقل.

وأكدت أن هناك مخاوف من خطورة تلك القرارات والانتهاكات التي تمارس ضد النساء وحقوقهن، وهذا يتطلب تدخلا من قبل المجتمع الدولي للتنديد بهذه الآلية القمعية التي تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة لجماعة الحوثيين، والحيلولة دون استمراريتها.

تضييق على موظفات الأمم المتحدة

تقيد تحركات النساء في مناطق سيطرة الحوثيين شمل أيضا موظفات منظمات الأمم المتحدة العاملة في صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيات المدعومة من إيران، حيث أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في اليمن، أن هناك تقييدا لتحركات العاملات مع المكتب في محافظات يمنية خاضعة لسيطرة الحوثي.

وقال المكتب في بيان له: إن استمرار القيود على حركة التنقل تسببت في إعاقة قدرة العاملين في المجال الإنساني على الوصول إلى المحتاجين في الوقت المناسب وبطريقة قائمة على المبادئ.

وأشار إلى أن اشتراطات المحارم -أوصياء ذكور يرافقون عاملات إغاثة عند السفر في مهام- زادت في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين، مما أثر بشكل كبير على المهمة الميدانية وتنفيذ الأنشطة.

وأضاف إن هناك حوادث لمسلحين عبروا عن اعتراضهم على اختلاط عمال الإغاثة من الرجال والنساء وطالبوا منظمات الإغاثة بمغادرة مناطقهم، الأمر الذي أدى إلى توقيف الأنشطة الإغاثية كإجراءات احترازية، وهو ما أثر بشكل كبير على تقديم المساعدات والخدمات للمحتاجين.