"النماري".. حلوى شهيرة تعود لأسواق الحديدة

المخا تهامة - Friday 18 November 2022 الساعة 07:17 am
حيس، نيوزيمن، خاص:

يخرج يونس محمد عمر، 15 عاماً، كل صباح من منزل أسرته في مدينة حيس جنوبي محافظة الحديدة، حاملاً في يديه صحناً مليئاً بالحلوى المشهورة في مناطق تهامة والمعروفة باسم "النَّماري"، وهي حلوى خفيفة ولذيذة تشتهر بها مناطق تهامة منذ القدم وعادت للظهور بشكل لافت في الأسواق الشعبية.

يتجول يونس في شوارع المدينة من أجل بيع هذه الحلوى التي صنعتها أمه في المنزل، من أجل تأمين لقمة العيش وتوفير مصدر دخل يومي لأفراد أسرته التي تواجه أوضاعاً معيشية صعبة بسبب الحرب.

ومؤخراً انتشر الكثير من الباعة الجائلين في الأسواق الشعبية بمحافظة الحديدة، لبيع هذه الحلوى وغيرها من الأطعمة والمأكولات التي تصنعها الأسر في المنازل ويقوم الأطفال ببيعها في الشوارع. 

اقتربنا أكثر من الطفل يونس لشراء الحلوى التي يبيعها وسر تسمية المواطنين له "بائع حلوى النماري".

وقال في حديثه، لنيوزيمن، إنه يخرج يومياً الساعة الـ9 صباحاً من منزله الكائن في حي الربع الأعلى بمدينة حيس، ويعود الساعة الـ12 ظهراً بعد أن يبيع كل ما لديه من الحلوى. وأضاف، أبيع يومياً بـ8 أو بـ9 آلاف وبعض الكسور بحسب الكمية التي أخرج بها من البيت. 

النَّماري، إحدى الحلويات الخفيفة التي تشتهر بها مناطق تهامة منذ القدم، وتتفنن النساء بصناعتها في المنازل وبطرق مختلفة في ظل الابتكارات والوصفات التصنيعية الخاصة بالحلويات.

وتلقى الحلوى رواجاً كبيراً في أوساط المواطنين والمارين عبر مدينة حيس، حيث تشهد إقبالاً كبيراً على شرائها خصوصاً من كبار السن الذين يعرفون قيمتها الغذائية والتي تذكرهم بماضٍ جميل عاشوه.

يقول بائع حلوى النَّماري يونُس إنه يكسب من عملية البيع مبالغ مالية زهيدة ما بين 3 آلاف ريال إلى نحو 5 آلاف ريال في اليوم، وهو مبلغ ضئيل جدا يكفي لشراء الوجبات اليومية الأساسية له ولأسرته البسيطة.

وأضاف: إنه بدأ هذا العمل منذ ما يقارب أشهرا قليلة خصوصاً بعد استكمال تحرير المدينة من الحوثيين، وعودة الحركة إليها من جديد.

الظروف التي تمر بها البلاد والغلاء الفاحش وعدم توفر فرص العمل، هي من أجبرت أسرة الطفل يونس على التفنن والإتقان في تصنيع هذه الحلوى، والخروج إلى الأسواق مروجاً لبيعها، وبشكل يومي ما دفع الكثير من المواطنين لتسميته "بائع حلوى النماري".

وذكر الباحث والكاتب التهامي ابن مدينة حيس، عبدالجبار باجل، أن النماري هو أحد أنواع الحلويات المصنوعة محلياً اشتهر بصناعته حيس وزبيد والجراحي، موضحاً أن تسميتها تنسب الى اسرة النماري التي تفننت في صناعتها كما تفننت ايضاً في صناعة غيرها من الحلويات الفاخرة، كاللبيب والبُجُه والمُقرمَش والقَند، والتي غالبيتها الان غابت عن الاسواق وحتى على المستوى البيوتي، وربما ذلك ناتج عن عدم قيام بعض الاسر في ممارسة تصنيع الحلويات القديمة واهمالها.

ووفقاً لما قاله الباحث والكاتب باجل، فان هذه المصنفات كانت محصورة قصراً على الاسر الهندية التي تجيد صناعتها باتقان في المناطق التهامية للاستهلاك الخاص او للهدايا لمن يحبون، لافتاً ان بعضا من الاسر المُحتاجة التي كسبت مهنة التصنيع ولا يوجد لديها معيل او مصدر دخل، قامت بإخراجها الى الأسواق لتغطية احتياجاتها اليومية.

وخروج يونس للبيع في الشوارع، هو حال الكثيرين من الأطفال في اليمن الذي اكتوى بنيران الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية – ذراع إيران في اليمن، والتي أجبرت الأسر بعد انقطاع مرتباتهم إلى اللجوء لمشاريع صغيرة لتأمين مصادر عيشهم في ظل انتشار الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل.

آلاف الأسر في الحديدة والساحل الغربي واليمن فقدت أربابها، ما دفع بالأطفال إلى الخروج للعمل وبهدف توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية، عبر بيع الأطعمة والمأكولات وكذا العمل في مهنة خطيرة وغير آمنة للأطفال.