مكتبة الإسكندرية.. حين يبدع الإنسان المصري تتكامل الرؤى وتُخلق المعجزات

متفرقات - Friday 28 October 2022 الساعة 09:48 am
القاهرة، نيوزيمن، محمد عبده الشجاع:

تنقلك "مكتبة الاسكندرية" بتصميمها البديع وهدفها الكبير، إلى عالم من الفانتازيا المبهرة، أيا كان المصمم إلا أنك في نهاية المطاف انت على أرض مصرية وبين شعب لا يعرف شيئاً اسمه المستحيل.

>> "الإسكندرية".. الوطن الذي يخبرك أنك بخير وأنت إلى جواره 

لدى الإنسان المصري عبر تاريخه المنظور والبعيد ميزة عظيمة، محاولته أن يكون الرقم واحد، ولعل لغز الأهرامات واسرارها وحارسها أبو الهول ما يزالان المعجزة التي حيرت المهتمين وعلماء الآثار من حيث القدرات والإمكانات والإبداع الهندسي وعظمة البناء.

لذا نجد بقية الاكتشافات والآثار وما يتم تشييده اليوم من مدن عملاقة ومبان شامخة ومؤسسات تبرز صلابة هذه الأمة وقدرتها على الانجاز والإبداع والحضور كرقم صعب، يعكس صورة مدهشة عن كيفية تطويع الأدوات والعقول من أجل خلق المعجزات.

وحين تتجول في المكتبة من الداخل أو من الخارج فإنك تجد بصمات الفراعنة وصلابة أبناء مصر وعبقرية الفكرة وقوة الفاعلين الذين بذلوا الجهود للخروج بهذا الصرح المطل على ضفاف البحر المتوسط الذي لطالما كان قوة جذب وصراع في آن واحد وبوابة تداخل في العلوم والأنساب وآلاف الحكايات عبر القرون الماضية.

هذه هي مصر وهذه هي الاسكندرية بمكتبتها العظيمة واجوائها الساحرة وحكاياتها مع البحر وشعوب الإغريق واليونان وطائر الفينيق.

لفت الأنظار تكامل الرؤى 

التكامل في الرؤى والأفكار دائما ما يخلق لوحة بصرية وذهنية تترجم سيرة الإبداع عبر تاريخ طويل من التراكمات، هذا ما توحي به الصدمة الأولى وانت تطل على فناء "مكتبة الاسكندرية" من مكان ما.

والانسان المصري ومن خلال الشواهد الحاضرة والقديمة تجده لا يقبل انصاف الحلول وانصاف المشاريع، فحين قرر أن يقوم ب"ثورة" لم يدع فرصة للفوضى، وتمكن من استعادة مؤسساته، وحين يقرر أن يشيد مبنى أو دائرة أو حتى جسرا أو نفقا فإنه لا يقبل بغير التميز والادهاش.

في مصر فقط يتحول كل شيء إلى قيمة في ذاته وفي أنفس الآخرين، ولعل وجود نهر النيل هو لب هذا الخلود وما تتلوه من اضافات ليست سوى تأكيد على حيوية هذا الإنسان وعبقرية المكان والزمان والفعل اللا محدود والسعي وراء الاستمرارية التي لا تعرف الوهن ولا اليأس.

بهذه الرؤى تستطيع لفت الأنظار وخلق قصص وشواهد وروايات من العدم أبطالها مصريون استطاعوا هندسة الأحداث وتطويع المجد حتى أصبح يسيرا وسهلا.

عن المكتبة العملاقة

مكتبة الاسكندرية الملكية أو "المكتبة العظمى" أكبر مكتبات عصرها. في 16 أكتوبر 2002م وبالتعاون مع الأمم المتحدة، قامت على أنقاض المكتبة القديمة أو قريبا منها في منطقة "الشاطبي" المكتبة الجديدة، التي تمت بافتتاح عالمي، وتعد تحفة معمارية وعلمية مذهلة.

وهي ضمن "العمارة التعبيرية" التي نشأت في أوروبا خلال العقود الأولى من القرن العشرين؛ بالتوازي مع حركة الفنون التعبيرية البصرية والفنون المسرحية التي تطورت وهيمنت بشكل خاص في ألمانيا.

ليست مجرد مبنى هندسي جذاب وحسب، فإلى جانب ذلك تحوي مراجع وتخصصات تفوق أي مكتبة عالمية في العصر الحديث.

من ناحية الفهرسة أو الكتب الإلكترونية والورقية فإلى جانب أنها تنقسم إلى: الفهرس، يوجد فيها مكتبة المكفوفين، المواد السمعية، الكتب النادرة والخاصة، المواد الميكروفيلمية، مكتبة الطفل، مكتبة النشء، الجولات الإرشادية، الخرائط، ومعرض مكتبة الاسكندرية للكتاب.

المتاحف والمعارض ومراكز الأبحاث 

يوجد فيها: متحف الآثار، متحف المخطوطات، قسم الأوعية النادرة، قسم الميكروفيلم، قسم العرض المتحفي، ومتحف تاريخ العلوم.

تسعة معارض دائمة: (1) الإسكندرية عبر العصور (مجموعة محمد عوض)، (2) عالم شادي عبد السلام، (3) روائع الخط العربي، (4) تاريخ الطباعة، (5) كتاب الفنان، (6) الآلات الفلكية والعلمية عند العرب في القرون الوسطى، (7) محيي الدين حسين: مشوار إبداعي؛ (8 أعمال الفنان عبد السلام عيد، (9) مجموعة رعاية النمر وعبد الغني أبو العينين.

مراكز الأبحاث: المخطوطات، مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي، الخطوط والكتابة، العلوم المعلوماتية، دراسات الإسكندرية والبحر الأبيض المتوسط، الفنون، البحوث العلمية، ومنتدى الحوار.

أعداد هائلة من الكتب الفرنسية

قدمت فرنسا في أكبر صفقة ثقافية في تاريخ المكتبات، هدية تصل إلى نصف مليون كتاب باللغة الفرنسية في عدة موضوعات مختلفة؛ (علوم- آداب- تاريخ- جغرافيا- انثربولوجيا) إلى مكتبة الإسكندرية.

ونتيجة لهذه الهدية ستكون المكتبة الفرانكفونية الثانية في العالم، بعد مكتبة نيويورك في ثراء مجموعاتها باللغة الفرنسية، بعد المكتبة القومية الفرنسية ومكتبة جنيف ومكتبة ليون بفرنسا ومكتبة لافال في كندا.

تتفوق مكتبة الإسكندرية في مقتنياتها الفرنسية على جامعة مونتريال في كندا والتي تحتوى على 534 ألف كتاب، ومكتبة الكونجرس التي تحتوى على 433 ألف كتاب، ومكتبة هارفارد التي تحتوى على 509 الاف كتاب، وجامعة اواتا بكندا والتي تحتوى على 296 ألف كتاب، والمكتبة القومية الكندية والتي تحتوى على 365 ألف كتاب، والمكتبة الوطنية الفرنسية والتي تحتوى على 305 الاف كتاب.

أيضا تكون مكتبة الإسكندرية بهذا الإهداء المكتبة الرئيسية الأساسية للكتاب الفرنسي للشرق الأوسط والقارة الإفريقية.

انطباعات من الزيارة

لا يمكن لأي مطلع أن يندهش ما لم يكن قريبا من المكان، أثناء زيارة المكتبة تبدأ الدهشة أو الصدمة الأولى من الخارج قبل أن يتم الانتقال إلى الداخل والتنقل صعودا وهبوطا في مبنى يتكون من عدة طوابق متدرجة لها سقف واحد.

كل يوم تعج المكتبة بالزوار مثلها مثل أي معلم حضاري، السياح الأجانب والعرب والمصريين، طلاب الجامعات والمدارس الذين يأتون على شكل رحلات منظمة، يتم استقبالهم من قبل مترجمين ومرشدين سياحيين.

مهمة المرشد إعطاء صورة أو لمحة سريعة مع بعض التفاصيل عن محتوى المكتبة، كالطابعات القديمة وبعض الآلات والآثار، وتفاصيل البناء والإضاءة، واختيار الألوان وغيرها من الشكل الهندسي البديع والتصميم الذي يعكس عظمة الفكرة والريادة.

معلومات هامة

المكتبة استغرق بناؤها 7 أعوام من 1995 إلى عام 2002م وتتكون من 11 دورًا، 4 منهم تحت الأرض.

تحتوي مجموعة كبيرة من الكُتب التي تقدّر بـ"مليوني" كتاب، بها مركز لأرشيف الإنترنت، يحتوي على "لقطة لشبكة المعلومات العالمية منذ 1996 حتى اليوم ويتجدد كل شهرين، وأكثر من 10 بلايين صفحة، و1000 فيلم مؤرشف، 2000 ساعة من البث التلفزيوني المصري والأمريكي، و100 تيرابايت من المعلومات المخزنة على 200 جهاز كمبيوتر.

المبنى أسطوانى غاطس فى منتصف المسافة بالارض عندما تشرق الشمس من الارض. وتمت تكسية الجدران المحيط بالمكتبة بجرانيت أسوانى غير لامع مع الحفر عليه بعلامات واحرف تمثل الأبجدية.

تم تنفيذ المشروع على مرحلتين، وفى الزاوية اليمنى من الجزء السفلى من الصورة توجد القبة السماوية وقطرها 18 مترا وتقام هذه المشروعات بمقاس طول 24×24 متر حقرة ولقد أنشأ بالقرب منها قبة سماوية ومتحف علمي على حصيرة خرسانية فقط دون الحاجة إلى أي خوازيق.

وصف تخطيطي للمكتبة

يبلغ ارتفاع المكتبة عشرة طوابق مغطاة بغلاف بيضاوى بمحور رئيس مقاسه 60 مترا. وتقع جميع المستويات السفلية تحت سطح الماء الباطني.

أما عن التصميم الهندسى للمبنى فلقد أخذ في حسبانه بالترتيب الوظيفى للأرفف والمكاتب المخصصة للقراءة فى مساحات متماثلة بمقاس 14.4 × 9.6 م، وتوجد هذه المساحات تحت السقف المنحدر بمقدار 16 مترا فى سلسلة من الطوابق التى يبلغ ارتفاعها 4.2 متر.

صحفة الأرضية والسطح يشكلان دوائر حقيقية فى السطح الأفقى لهما وذلك نظراً لميل الشكل الأسطوانى بزاوية مقدارها 8 درجات عمودية.

*مراجع: موسوعة ويكيبيديا العالمية - اليوم السابع المصري.