أمهات بين طلاب الابتدائية في مدرسة السعيد بالمخا.. إرادة التعلم تتخطى فارق العمر

المخا تهامة - Saturday 22 October 2022 الساعة 07:15 pm
المخا، نيوزيمن، خاص:

كعادتها المستمرة منذ بداية العام الدراسي، تجلس خولة في مقاعد الصف الأول الابتدائي لأخذ دروسها اليومية، في مدرسة السعيد بمدينة المخا الساحلية.

ليس في اعتقادها ما يثير حياءها من أسئلة الناس حول السبب الذي دفعها لولوج المدرسة وهي في سن الأربعين، وإن كان عليها أن تتقي ذلك بالذهاب إلى مقاعد محو الأمية.

لكن يأسها وإحباطها من توقف هذا البرنامج الهام في المخا اجبرها على الذهاب إلى المدرسة مدفوعة بالشوق والرغبة في التحصيل العلمي الذي يشبع تطلعها المعرفي.

لا تخجل وهي تجلس بين طلاب يعدون في عمر أبنائها، وان كان الحظ في الزواج هو الآخر لم يبتسم لها كما هو التعليم الذي تحاول التشبث به في منتصف العمر للحاق بركب المعرفة. 

شغفها بالدراسة، وحب القراءة والاطلاع هو وحده من دفعها إلى ذلك، تقول ومشاعرها تفيض بالحماس الكبير برغبتها في التعليم والتزود المعرفي في كل مناحي الحياة، إن التعليم لا يمكن تجاهله، أو الاستمرار في البعد أو التخلي عنه، وإن كلف ذلك البدء من أولى الصفوف الأساسية في عمر الأربعين.

لا أمل لها في أن تحصل على وظيفة، فالسنوات التي ستقضيها في التعليم الأساسي والثانوي من الواضح أنه سيقضم من عمرها، بحيث انها ستكون عاجزة في الحصول على وظيفة تتناسب مع سنها، لكن ذلك ليس في وارد تفكيرها، إنما همها الوحيد ينصب على تعلم القراء والكتابة، والبحث المعرفي في جوانب الحياة المختلفة.

أنه إصرار يلتقي مع زميلة لها تشاطرها نفس تلك الرغبة، "حب التعليم"، وإن اختلفت المآسي التي تعيشها "كفى" عن زميلتها السابقة.

ف"كفى" نازحة من مديرية موزع وتمكث في مدينة المخا في ظروف صعبة، لكنها لم تتوقف للحظة واحدة عن التفكير بالولوج إلى صفوف المدرسة.

ترى "كفى" المتزوجة والتي لديها ثلاثة أطفال أحدهم طفلة تدرس معها في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة السعيد، أن ما دفعها الى الدراسة هو عجزها عن مساعدة أطفالها عند استذكار دروسهم خصوصا ابنتها الكبرى عندما بدأت أول يومها في الصف الأول الابتدائي قبل ثلاثة أعوام.

وحينما كانت تواجه تلك المصاعب كانت دوما تجعلها تشعر أنها في حالة انهيار من الحالة التي عليها، ولم يكن أمامها من خيار آخر سوى تغيير ذلك الوضع.

استلزم منها اتخاذ قرار صائب يتمحور حول تغيير حالتها المعرفية، "الذهاب إلى المدرسة"، حتى وإن كانت منشغلة بعائلتها التي تنتظر منها دوما رعايتها، والاهتمام بها.

تخطي ثلاثة أعوام لتصل إلى الصف الثالث يعد إنجازاً كبيراً قياسا بأم لديها زوج وثلاثة أبناء بحاجة إلى الرعاية والاهتمام، لكن الاصرار وراء بلوغ الأهداف يجعل تحقيقها أمرا ممكنا.

وحتى وإن مرت تجربتها بمراحل مرة، لا يستبعد في أن تكون نهايتها ذات نتائج طيبة تستحق الإشادة، فما زرعته ستحصده في الأخير، وسيعود عليك بالنفع.