غريفيث حينما يصمت عن دماء التهاميين وينتابه قلق نقص الوقود

تقارير - Tuesday 01 September 2020 الساعة 09:22 pm
الحديدة، نيوزيمن، خاص:

بعد وقت قصير من تعرض ثلاثة مدنيين لإصابات بعضها خطيرة، جراء قصف وكلاء إيران لأحياء سكينة في مدينة حيس، خرج المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث للتعبير عن القلق، لكن ذلك الشعور المبني على حالة نفسية بدأت تلازم المبعوث الأممي منذ تعيينه، لم تكن عن مدنيين وقعوا ضحايا الإرهاب الحوثي، وإنما عن جانب آخر يتعلق بنقص الوقود في مناطق سيطرة الذراع الإيرانية.

تصريحات غريفيث المخيبة ألقت الضوء على جزء من الفوارق الرهيبة التي تعتمدها الأمم المتحدة في تعاملها مع الملف اليمني، أو لنقل الفروق واضحة المعنى في سياستها المبنية على الازدواجية عندما يتعلق الأمر بتجاهل الضحايا والحديث عن مواضيع تبدو قريبة من مصلحة مليشيا الحوثي.

كان موقف غريفيث المتجاهل لسقوط ضحايا أشبه بجلدهم مرة أخرى، وهو موقف أثار موجة غضب من المبعوث الذي بدا منحازا وفاشلا وغير نزيه في المهمة التي يقوم بها.

يعبر الصحفي سامي باري، لنيوزيمن عن انزعاجه من الموقف الذي يمثله غريفيث حينما يتعلق الأمر بالمليشيا الحوثية ويتناسى أوجاع التهاميين، ويرى أن ذلك ناتج عن وضعه الذي بات يشفق عليه كون مهمته فشلت، كما فشل في تنفيذ اتفاق ستوكهولم القاضي بتسليم الحديدة وموانئها سلميا لسلطة الدولة وانسحاب المليشيا التابعة لإيران منها، لتجنيب المدنيين ويلات القتال.

على صفحة غريفيث بالفيس بوك، يصل الغضب ذروته، إذ تشهد ردود المتابعين ردات فعل غاضبة من سياساته المنحازة للمليشيا التابعة لإيران، عبر رسائل وتعليقات كتبت بعضها بالإنجليزية، اللغة التي يفهمها غريفيث نفسه.

أغلب الرسائل تتحدث عن أنه وسيط سلام غير نزيه وفاشل ولا يتحلى بقدر من المسئولية اتجاه معاناة المدنيين جراء السياسات التي يتبعها والتي تتيح لذراع إيران ارتكاب مزيد منها، بل إنه أصبح بائعا للوهم ومنقذا للمليشيا كلما شارفت على الهزيمة.

رسائل المعلقين تحمل تذكيرا ببدايات غريفيث السيئة، عندما أوقف تحرير الحديدة، فبعد أن شارفت القوات المشتركة على إحكام قبضتها على المدينة بادرت الأمم المتحدة بطرح مبادرة تنص على خروج المليشيا منها لتجنب المدنيين ويلات الصراع.

وقعت اتفاقية ستكهولم نهاية 2018 بالفعل، وكان ينظر لها أنها أمل انهاء الحرب التي سيدفع ثمنها أهالي تهامة، لكن مليشيا الحوثي، لم تطبق أيا من بنودها، فيما يبدو غريفيث حريصا على إبقاء الاتفاقية الدولية رغم أنها ساهمت في ازهاق أرواح 2400 مدني وإصابة 11 ألف شخص فضلا عن ارتكاب المليشيا الحوثية نحو 21 الف انتهاك.

كل تلك الجرائم مسكوت عنها والمدنيون الذين كانوا محور اهتمام غريفيث قبل توقيع الاتفاق لم يتحدث عن معاناتهم بشيء الآن، بل أثار اهتمامه معاناة المليشيات من نقص الوقود، آخذا مدخلا خبيثا كي يبدو طرحه منطقيا، عندما تحدث عن ضرورة تسليم مرتبات الموظفين من عائدات النفط المباعة.

لكن غريفيث تناسى أن المليشيا التابعة لإيران نهبت ما يقارب من 40 مليار ريال من حساب بالبنك المركزي كانت مودعة لصرفها كمرتبات للموظفين المنقطعة أجورهم الشهرية منذ أعوام.

لم يشأ غريفيث تحميل مليشيا الحوثي مسئولية سرقة المليارات المودعة بل تجنب ذلك عبر تصريح ضبابي بان الطرفين، ويقصد الحوثيين والحكومة، لم يجتمعا بعد، ليتم بموجب ذلك اللقاء صرف الأموال لمستحقيها الموظفين.

يرى الصحفي عبدالله دوبله، أن المبعوث الأممي يعلم أن الحوثيين سرقوا الأموال المودعة بالبنك المركزي بالحديدة، لكنه حريص على إيصال الأموال مرة أخرى لمليشيا الحوثي من أجل استمرار الحرب.

وبحسب دوبله، فإن غريفيث استغل في تصريحه حاجة المدنيين للنفط ولو كان صادقا يعبر عن معاناتهم، فلماذا لا يتم إدخال المشتقات النفطية من موانئ أخرى لا تخضع لمليشيا الحوثي.

أما سامي باري فيذهب بعيدا عند تعليقه على تصريح غريفيث فيما يتعلق بنقص الوقود ويرى أن الحكومة مجرد شماعة وقناع يستخدمها الحوثي والإخوان لتمرير صفقاتهم المشبوهة ومن أهم هذه الصفقات تهريب النفط أو ادخاله بطريقة شرعية عبر رجل الأعمال أحمد العيسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين ومن ثم يتم بيعه في السوق السوداء لصالح جماعة الحوثي.

وبنظر باري فإن تجارة النفط باتت مربحة للطرفين، الحوثي والإخوان، وكلاهما يتقاسم عائداتها الرهيبة على حساب آلام المواطنين.

يفهم من تصريحات باري أن طرفي النزاع يحركان غريفيث للحديث عن المشتقات النفطية كي تعاود تجارتهما القبيحة الاستمرار من جديد.