استولى على "دار الناصر" من "بيت المجاهد".. الإمام ومعاوية الـ"جبل الداكي على جبل"!

تقارير - Tuesday 16 June 2020 الساعة 08:50 am
عدن، نيوزيمن:

ضاق به الإمام أحمد وهو يمر من أمامه يومياً بسيارته و"عكفته" و"البورزان"... من قصره "دار الناصر" الذي استولى عليه بالقوة من أعرق أسرة في تعز، "بيت المجاهد"، إلى قصوره في "العُرْضي" أو إلى قصره الجديد في قرية "صالة". كان "معاوية" عند مرور الإمام أحمد ذهاباً وإياباً يصيح به قائلاًً: "أنا معاوية.. جبل داكي على جبل!".

وقرر الإمام أحمد ترك "دار الناصر" بالمدينة والاستقرار في قصره في "العرضي" هروباً من هذا المجنون "معاوية"!

* * *

لا أحد يدري كيف عرف "معاوية" أن الإمام أحمد قد استقر في أحد قصوره في "العرضي" عندما خرج الإمام أحمد من بوابة القصر ودهش حينما شاهد "معاوية" متكئاً كالعادة تحت شجرة صغيرة وهو يصيح: "أنا معاوية.. جبل داكي على جبل!".

كنت وصديقي وبعض الزملاء مولعين بمشاهدة العرض العسكري الصغير في عصر كل يوم حين تنزل ثلة صغيرة من الجيش الحافي بلباسهم التقليدي وأمامهم فرقة موسيقية عسكرية صغيرة كان أفرادها من بقايا الأتراك قد أكل عليهم الدهر وشرب، وخلفهم بعض "كباش" الإمام "البربرية" التي يرعاها الجنود، متجهين إلى نوافذ القصور ليصيحوا ثلاث مرات بصوت عالٍ لا بد أن يسمعه الإمام: "حفظ الله الإمام".

وتعود الثلة أدراجها مع الفرقة الموسيقية "الهادمة" وكباش الإمام من ورائهم وصوت "معاوية" يغطى على أصواتهم: "أنا معاوية.. جبل داكي على جبل!".

ضاق به الإمام أحمد مرة أخرى، وكان باستطاعته أن يقتله أو يمزقه إرباً إرباً ويقدمه لأسوده ونموره وضباعه المفترسة التي يحتفظ بها في ساحة القصر من الداخل في أقفاصها الحديدية، وكم كانت قد التهمت من الشخصيات المعارضة له في غفلة من الزمن! لكن هذه المرة كان الزمن غير غافل، والإمام أحمد بذكائه المتوحش يعرف ذلك، فهرب من "معاوية" تاركاً قصوره في "العرضي" واستقر في قصره الكبير الجديد في قرية "صالة"، أجمل منطقة ساحرة يحلم أي إنسان أن يعيش فيها مدى الحياة، والتي اقتطعها لنفسه واستولى عليها بكل ما فيها من منازل وأراض وينابيع وأشجار فواكه وصخور عملاقة... وحتى البشر! وكانت قرية "صالة" بالنسبة للإمام أحمد منتجعاً صحياً، بعيدة عن شكاوى وتظلمات رعاياه البؤساء، وأيضاً لمكسب مادي، وذلك عن طريق الجمارك المفروضة على بضائع الشاحنات الهزيلة التي كانت تمر بصعوبة من عدن إلى تعز بالقرب من القصر وتتحكم نقطة خشبية في طريقها.

* * *

لا أحد يدري أيضاً كيف عرف "معاوية" أن الإمام أحمد قد استقر في قصره الكبير الجديد في قرية "صالة"، فوجده الناس متكئاً كعادته أمام بوابة القصر يرمي ببقايا "القات" لحيوان "الوضيحي" (المها) النادر الذي كان يملكه الإمام أحمد.

عندما خرج الإمام من بوابة قصره الكبير الجديد بقرية "صالة" فجع وأصابه الاكتئاب وهو يشاهد "معاوية" يصيح: "أنا معاوية.. جبل داكي على جبل!".

عندما غفا الزمن يوماً ما، اختفى معاوية هذا "الجبل الداكي على جبل"!

*زيد مطيع دماج – الرهينة