قصة اختطاف وتغييب حمزة الجبيحي في معتقلات الحوثي منذ 4 أعوام

تقارير - Friday 13 March 2020 الساعة 09:43 am
صنعاء/المخا، نيوزيمن، خاص:

تبرز قضية اعتقال الشاب حمزة الجبيحي، وأخيه ذو يزن، ووالدهما يحيى؛ لتشكل صورة ذهنية ووجدانية أقرب للمأساة من بين كل صور الاعتقال التعسفي.

ففي أحد معتقلات وزنازين ميليشا الحوثي بصنعاء زج بحمزة، بعد اختطافه من الشارع أثناء ما كان ذاهباً لعمله في "شركة التبغ والكبريت" قبل سنوات، وتحديداً في 31 أغسطس من العام 2016م.

مؤخرًا ظهرت أخته بشرى من "مملكة السويد"، وهي تدلي بتصريح مقتضب لوسائل الإعلام، قبل أن تنفجر باكية في مشهد أليم بحجم معاناة المعتقلين، ولم تفصح عن شيء مكتفية بالدموع.

على إثر ذلك حاولنا في "نيوزيمن" تتبع خيوط القضية، علنا نصل إلى جديد، أو على الأقل نوصل رسالة تبعث الأمل في نفوس تتوق للحرية، وأرواح تتطلع لمستقبل تسوده المحبة والوئام.

بداية الاعتقال

بحسب مصدر مقرب من أسرة الأستاذ/ يحيى الجبيحي فقد تم اختطاف حمزة في 31 أغسطس 2016 ووضعه في سجن "جهاز الأمن القومي"، بعدها بأسبوع تقريبا تفاجأ الجميع بثكنة من المدرعات والأطقم العسكرية تحيط المنزل، تم على إثرها اعتقال الأب وابن آخر وهو ذو يزن.

يواصل المصدر حديثه مبيناً أنه تم محاكمة الأب محاكمة صورية، بتهمة "التخابر مع دول العدوان"، لكن الحقيقة والواقع أن ذلك أتى بسبب مقالات وتوجهات سياسية وفكرية مختلفة تماماً عن توجه الجماعة لا أكثر..

وأكد المصدر أن ذلك كان واضحا من خلال التحقيقات حيث أبلغوه حينها بالحرف "بأن مقالاتك تهيج الرأي العام، ونحن في حالة حرب".

خروج الأب وبقاء حمزة رهينة

يقول المصدر المطلع، إنه وبعد ضغوط إقليمية ودولية، تم الإفراج عن الأب يحيى وولده ذو يزن، بينما تم الإبقاء على حمزة بمثابة "رهينة"، ليس لتهمة وإنما خوفًا من لسان وقلم والده.

وعن سؤالنا حول الوساطات التي تمت والوعود التي قطعت، اتضح أن الكثير من المعنيين ورجال الخير في الداخل والخارج وممن لهم صلة بجماعة الحوثي، قد تدخلوا للإفراج عن حمزة دون فائدة، غير أنه تم تحويله إلى المحكمة.

الغريب في الأمر، بحسب قريب حمزة، أنه وبعد 6 جلسات في المحكمة كان يحضرها حمزة برفقة أفراد من الأمن القومي بينما يغيب القاضي.

بعدها اكتشف القاضي عبده حسن راجح -وهو نفسه الذي حكم بالإعدام على يحيى الجبيحي- اكتشف أنه لا توجد أي تهمة ضد حمزة، فأعاد الملف إلى "النيابة الجزائية".

ماذا يريدون من حمزة؟

وحول سؤاله عما تريده مليشيا الحوثي من الشاب حمزة بعد 3 أعوام وسبعة أشهر، أوضح أن الهدف من كل هذا التعسف، هو الضغط على والده؛ حتى لا يتطرق إلى تجاوزات الحوثيين اليومية منذ اجتياحهم العاصمة صنعاء.

المصدر أضاف إنه على اطلاع تام بالقضية، مؤكداً أنه وبرغم كل الذي تعرض له "يحيى" الأب واثنين من أولاده، غير أنه شخص لا يمكن له أن يفجر في الخصومة، كونه شخصية سياسية وثقافية تعرف دورها في الحياة بعد كل هذا العمر.
وأضاف، وإلا كيف يمكن قراءة أن يجتمع أب واثنين من أولاده في سجن وزنزانة واحدة ولسنوات.

وختم في هذا السياق بأن يحيى الجبيحي ليس ممن يحبون الاستعراض الإعلامي العابر الذي لا يحمل قضية.

من هي بشرى الجبيحي؟

بشرى أحد أبناء يحيى عبد الرقيب الجبيحي، وأخت المعتقل حمزة، متزوجة، وجهت لها دعوة من "مملكة السويد"، وهي آخر من ناقش وأثار قضية حمزة.. حيث أعاد الفيديو، الذي ظهرت من خلاله في الأيام الماضية، قضية اعتقال أخيها إلى الواجهة، وقد كسبت تعاطف العديد من وسائل الإعلام والمتابعين.

وحول سؤالنا عن أوضاع حمزة، أفاد المصدر وبحسب قربه، بأنه ورغم كل هذه السنوات التي مرت، إلا أنه في الحقيقة لا يتعرض لأي تعذيب، وربما أنه أفضل من سواه بكثير، كما أن من حسن حظه أن زوجته ووالدته تزورانه كل أسبوعين مرة.
وأضاف، باستثناء أنه يعاني كثيراً من مشاكل في "نظره" بسبب النظارة التي فقدها، وآلام في "الظهر" بشكل مستمر، والأهم من كل ذلك حبسه كل هذه المدة دون تهمة.

تحرك المنظمات وبعض الجهات

مؤخرًا صرح أحد الصحفيين والحقوقيين وهو رمزي الفندي، بأنه تنقل بين أكثر من عاصمة حاملاً قضية المعتقلين؛ وكان ضمن هؤلاء ملف حمزة الجبيحي، مشيراً إلى أن العاصمة "مسقط" كانت آخر محطاته، حيث التقى بالناطق الرسمي لجماعة الحوثيين هناك محمد عبد السلام فليته، وقد تلقى نفس الوعود السابقة التي تلقاها والد المعتقل.

من جهته أكد المصدر بأنه وخلال الفترة الماضية، تم التواصل مع طرف الشرعية، واتضح أن كل طرف هو الذي يختار الأسماء الذين سيتم الإفراج عنهم، وحمزة واحد من الذين لم يشملهم الإفراج.

إضافة إلى ذلك فإن المحامي والحقوقي محمد ناجي علاو، والمحامي ناجي فضالة، قاما بتقديم 50 اسماً في اجتماعاتهم الأخيرة في عمان الأردن وقبلها في أكثر من اجتماع، لكن وإلى الآن لا توجد أي نتيجة.

أسماء لعبت دورًا تستحق الشكر

في هذا الجانب لفت المصدر المقرب إلى أن الشيخ سلطان السامعي، وهو عضو المجلس السياسي الأعلى في جماعة الحوثي، لم يقصر، وقد لعب دوراً كبيرًا في متابعة قضية حمزة، وما زال يبذل جهوداً في هذا الجانب.

وحول سؤالنا له عمن يمتلك القرار النهائي والحاسم لإطلاق سراح حمزة، رد بأنه وحسب اطلاعه وعلمه أن الأمر بيد ثلاثة لا رابع لهم وهم كالتالي:
زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، ورئيس اللجان الثورية محمد علي الحوثي، ورئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.

وأضاف: مثلما كان الأمر مع والده الذي أطلق بأمر من قائد الجماعة، وكان هناك دور كبير للأستاذ محمد عايش، فإن الأمر يسري على الابن.

تبادل أسرى مقابل حمزة

وبشأن تبادل الأسرى ذكر المصدر أنه أتت أنباء من مأرب، تفيد بأن الحوثيين طالبوا بإطلاق سراح أسماء لدى الشرعية مقابل حمزة، برغم أنه معتقل سياسي وليس أسير حرب.
غير أنه اتضح أن أحد المعتقلين لدى الشرعية ممن كانت تطالب بهم جماعة الحوثي، عليه قضايا ربما جنائية ولا أحد يعرف ما هي التفاصيل بالتحديد، وأنه من الصعب إطلاق سراح ذلك المعتقل لدى الشرعية مقابل حمزة.

وهذا يعني أن جماعة الحوثي قد بيتت النية تماماً، بعدم إطلاق الجبيحي الابن إلا بعد عقد صفقة يتم على إثرها الإفراج عنه، وهو المختطف من الشارع بعلم الجميع.

واخيرًا وبحسب نفس المصدر السابق فإن جماعة الحوثي تقدمت إلى الشرعية بطلب الإفراج عن مجموعة أسماء، وبعد إبداء الاستعداد اتضح أن هذه الأسماء وهمية وليست صحيحة.

الجبيحي الأب.. حكاية اقتحام المنزل

أثر اقتحام الحوثيين لمنزل الأستاذ/ يحيى عبد الرقيب الجبيحي على العائلة بشكل عام والأب بشكل خاص، حيث كان الحدث مفاجئًا وصادمًا للجميع.

فقد أكد المصدر أن عملية اقتحام المنزل تمت من خلال مجموعة أفراد، إلى جانب نساء من "الزينبيات"، جاء ذلك بعد تطويق المنزل بمجموعة من الآليات العسكرية والجنود.

تم خلال المداهمة أخذ كل "الأجهزة الإلكترونية"، وما تحويه من كتب وأبحاث كانت في طريقها إلى الطباعة، وأوراق خاصة، وصور مع كثير من الشخصيات بحكم عمله في رئاسة الوزراء.

مصير الأبحاث والمقالات

وحول سؤالنا عن مصير تلك المتعلقات، أكد المصدر وبحسب علمه أنها لا تزال مصادرة لدى الجماعة، ولم يتم الإفراج عنها وإعادتها، رغم أن هناك محامياً يتابع القضية، وتم رفع عدة مذكرات بإعادة كل المتعلقات.

كما أكد المصدر أنه كانت هناك أشياء نقدية في البيت وعينية، وذهب، وسلاح شخصي، إلا أنه لم يتم المساس بها أثناء المداهمة، وكأن هدفهم كان واضحًا ومحدودًا.

وأضاف إن المليشيا سيطرت تمامًا على متعلقات شخصية، وأبحاث ومقالات أيضاً لم يتم نشرها، ومن ضمن تلك الأشياء، بحث حول "إيران"، وآخر عن أحداث "11 سبتمبر".

وعن سؤاله حول ما تعرض له الأب خلال أكثر من عام وهو في هذا العمر، أكد المصدر أن ذلك متروك للأيام ولا يستطيع الحديث نيابة عن الضحايا، باستثناء ما يعرفه أنه في ظرف (10 دقائق) فقط، حكم على الجبيحي بالإعدام وتمت المرافعة من قبل الضحية نفسه، وهو ما لم يحدث أبدًا إلا في حالات نادرة في التاريخ السياسي.