رئيس الجمهورية قال "واحدة قديمة، وبقيت عشر".. ما وراء ضجة كبيرة ومطبعة صغيرة؟! (بالصور)

تقارير - Monday 30 December 2019 الساعة 10:14 pm
تعز/المخا، نيوزيمن، أمين الوائلي:

أعلنت السلطات الأمنية بتعز، الاثنين، العثور على مطابع الجمهورية، الصحيفة اليومية والمؤسسة الرسمية، وسيقت عناوين كبيرة وصاخبة، عن "العثور" على المطبعة الأحدث والأكبر والأغلى في العالم" (..)، والصور المرفقة لمطبعة وحيدة قديمة تجارية بأربعة رؤوس، ليس غيرها. نيوزيمن بحث في التفاصيل والخلفيات.

الضجة الهائلة التي رافقت وشيعت الحدث الموجه والخبر المصنوع، تبعث على الدهشة والتحفظ معاً، حيال الغاية من وراء قذف كرة إلهاء صغيرة، في الزمان والمكان والخلفيات المحيطة؟

صغيرة.. وليس الكبيرة

نشأت تساؤلات فعلية في السياق، على جدران مواقع التواصل وفي جروبات تطبيقات التراسل الاجتماعي، بالإشارة إلى أهداف وغايات سلطة المقر بتعز، من وراء إعلان (أمني) مشابه -الأمن السياسي-؟ وضجة مصنوعة، بفراغات موضوعية تطعن في نزاهة الإعلان الأمني، وفي وجاهة الحديث عن "العثور" على مطبعة، بدا أنها خرجت من مخزن حفيظ.

بحسب المعلومات الموثوقة، استقاها نيوزيمن، سوف يتسلم فريق من كادر صحيفة ومؤسسة الجمهورية، مطبعة تجارية وحيدة، من أمن تعز، الأمن السياسي (..) بعد اتصال تلقاه رئيس المؤسسة، الذي كلف زملاء بإتمام الإجراءات مع الأمن.

سُلطة الإصلاح في تعز كشفت عن واحدة من المطابع التجارية التابعة لمؤسسة الجمهورية. مطبعة ألمانية صغيرة خاصة بالأعمال التجارية ولا تصلح لطباعة صحيفة بمقاس الجمهورية. هذا حجم الموضوع تماماً.

لكن المطبعة الأكبر والأحدث بحجم مستوع ونهبت منها الأحشاء والأعضاء الحيوية والأجزاء الأثمن، وبقيت هيكلاً خرباً تحت الريح والمطر والشمس وجامعي الخردة في موضعها بمقر المؤسسة بتعز. (يرفق نيوزيمن الصور).

ويلح رغم هذا صانعو ومروجو أخبار وشائعات على الحديث عن العثور على المطبعة الأحدث والأكبر والأغلى (...) ما يغذي الشكوك ويعززها أكثر وأكبر.

رئيس الجمهورية.. خير الكلام

نيوزيمن اتصل بالأستاذ سمير رشاد اليوسفي، رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير، والذي بدا هادئاً وبارداً، بخلاف السخونة المشتعلة في الإعلام ومواقع التواصل، واقتصد كثيراً في الإدلاء بتصريح وإعطاء معلومات موجزة ولكن كافية وشافية تغطي المطلوب وتفي بالغرض.

سألناه، وجدوا المطابع؟ فقال رئيس الجمهورية: وجدوا مطبعة تجارية واحدة أربعة رؤوس. اتصلوا بي الصباح بنية تسليمها للمختصين في المؤسسة.

ما الذي يعنيه هذا؟ سألنا سمير اليوسفي، وقال: مطبعة واحدة تجارية، لكتب وملصقات ونشرات مقاس طباعتها أقل من مقاس الصحف النصفية (التابلويد)، وما تم تخريبه أو نهبه: مطبعة صحفية ألمانية كانت تُطبع بها صحيفة الجمهورية حتى نهاية عام 2010، ومطبعة سورز، صالحة للعمل الصحفي والتجاري، وثلاث مطابع جي تي أو، والعديد من المطابع القديمة التي تعمل بحروف الرصاص.

هذا كاف، قال رئيس الجمهورية، إنه ينتظر استيفاء المعلومات من الأمن، بشأن مطبعة الكتب، التي "عُثر عليها".

ما وراء الضجة..

يقارن معلقون بين هذه، وبين إعلانات بالونية تكاثرت مؤخراً في صنعاء. الحوثيون يغرقون الرأي العام بقضايا وعناوين طائشة وجانبية؛ البالطوهات، الحلاقة، فكاهيات وزير الاتصالات الحوثي، وغيرها مما يتسيد النقاشات دون مخرجات. بينما تمر كبائر وفضائح وجنايات وانتهاكات سوداء، بهدوء في أثناء ذلك.

ما الذي يدور في رؤوس الإصلاحيين، أو إصلاح تعز، أو سلطة تعز، إذاً في الأثناء، من وراء ضجة كبيرة، واللقية سود كما يقال، أو مطبعة صغيرة؟

يفترض متحدثون ومصادر صحفية مع نيوزيمن، سيناريوهات متقاربة ومتباعدة في آن: من الشهيد عدنان الحمادي، إلى الشهيد (الفتى) الذي قضى تحت التعذيب الوحشي في سجن مقر قيادة محور تعز، إلى مستجدات في جبهات، وحتى إلى محتوى اتصال رئيس الجمهورية بمحافظ الضالع، وتشديده على ضرورة مواصلة المعارك المتوقفة في الجبهات وصولاً إلى تحرير كامل التراب اليمني.

واحتمالات أخرى، في السياق، لها وجه إلى الوجاهة، منها توجه الإصلاح بتعز، نحو إصدار صحيفة، حزبية بعنوان وألوان رسمية -بما أنها مطبعة الجمهورية الرسمية- على صلة مباشرة بالحاجة الخاصة إلى "سلاح ورقي" خاص يناور أو يناوش في الشارع التعزي خاصة تخفيفاً أو تخففاً ربما من صداع "الشارع"!

قال ناشط حزبي وإعلامي بتعز لنيوزيمن: "معاهم إذاعات وقنوات وآلاف الموظفين في التوجيه المعنوي، ومغلقين المنافذ على الصحف الصادرة من عدن، ولو بيدهم بيغلقوا كل المنافذ على تعز، وعادهم بيزيدوا يصدروا صحف إضافية".

يؤيده رأي مقارب، يقول إن الإصلاحيين يتعاطون مع استحقاقات مرحلة ما بعد القائد الحمادي، والحجرية مغلقة على خطاب وتلقين إعلامي واحد عبر إصدار ورقية أو أكثر ربما، ما استدعى إخراج المطبعة الآن، أو العثور عليها (..)، وبقليل من التعديلات على الأرجح ستكون جاهزة للصحف بالحجم التجاري المتداول.

في الواجهة أيضاً، انشغل وأٌشغل الصحفيون، والناشطون، وقطاع لا بأس به، من السياسيين، والرأي العام المتصل بالنت، "بحكاية أكبر مطبعة في العالم، استعادتها، من الغيب أو من المجهول أو ما كان، دولة ضبط وربط وقانون يقط المسمار في تعز" بتعبير الناشط التعزي الحزبي والإعلامي. وليست سوى مطبعة تجارية صغيرة، بينما تؤخذ بديلاً عن عشر مطابع رئيسية وصحفية وعتيدة، باتت هذه اليتيمة تقوم مقامها!

الأكيد الوحيد، بين أيدينا، خلال كل هذا وبعده، أنه ما من مطبعة كبيرة وثمينة.

أما الواضح، بوضوح، فهو أن؛ رمزية "الجمهورية"، والرمزية المكانية لتعز، والتوقيت، استخدمت جميعها بعناية وقصدية كبيرة، في هذا الفصل أو الفاصل الإعلاني / الإعلامي المستحدث.