الحوثي والشهرستاني و"الوحدة 3800".. أسرار ولاية الفقيه الإيراني على اليمن

تقارير - Saturday 28 December 2019 الساعة 10:55 am
صنعاء، نيوزيمن، سهيل القادري:

خلال لقاء ببيروت أواسط تسعينيات القرن الماضي، كان أحد أعضاء وفد برلماني يمني شديد الانبهار بحديث أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، وخاض معه، أثناء اللقاء، طرحاً منسجماً عن مظلومية بعض المذاهب الإسلامية والتأثير السلبي "للفكر الوهابي" على الأمة الإسلامية، وموضوعات تمجد "الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني" والتآمر العالمي عليها، ذلك البرلماني اليمني كان حسين بدر الدين الحوثي، مؤسس المليشيا الحوثية.

 الحوثي والملالي

 ليس اللقاء الأخير بين سفير سلطة الانقلاب الحوثية إبراهيم الديلمي مع وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي جديداً في إطار علاقة التبعية الحوثية لسلطة ولاية الفقيه في طهران، وإنما الجديد هو الصفة الرسمية للمسؤول الإيراني، وتخصيص اللقاء "لتعزيز التعاون العسكري بين الجيشين الإيراني واليمني" وفقاً للخبر الرسمي في وسائل إعلام الحوثيين، وما نقلته وكالة فارس الرسمية الإيرانية عن "المسيرة" الناطق الإعلامي للحوثيين.

 لأول مرة يعترف الجانبان بتعاون عسكري، أنكراه لسنوات سابقة، وكذبا بصورة مباشرة، وغير مباشرة ترديد الحكومة اليمنية، وقيادة التحالف العربي، وتقارير دولية، تؤكد العلاقة الإيرانية الحوثية ببعدها العسكري.

 وقوف حزب الحق الذي كان حسين الحوثي أحد مؤسسيه إلى جانب الحزب الاشتراكي اليمني، والانفصال في 1994، ومن ثم انتصار الوحدة كان من أهم أسباب مغادرة حسين ووالده بدرالدين الحوثي إلى إيران، وهناك تطورت العلاقة الفكرية والسياسية بين رجال ولاية الفقيه وبيت الحوثي في صعدة، وأخذت العلاقة أشكالاً عديدة بما فيها الشكل العسكري، فتحْت توقيع بدرالدين الحوثي بصفته "المرشد الأعلى لمؤسسة آل البيت في اليمن" تضمنت رسالة، قبل التمرد الحوثي المسلح الأول بشهرين فقط، الإفادة بجاهزية الحركة (الحوثية) لهزيمة "النظام الحاكم العميل"، حسب ما جاء في الرسالة الموجهة إلى الوكيل العام لعلي السيستاني في إيران، جواد علي الشهرستاني، المتواجد في مدينة مشهد ثم قم الإيرانيتين منذ العام 1976، والذي أنشأ "مؤسسة آل البيت" وفتح لها فروعا في عدد من بلدان العالم منها اليمن برئاسة بدر الدين الحوثي.

 تأكدت فحوى الرسالة في مسار الأحداث اليمنية اللاحقة، من جاهزية مئات المقاتلين، واختراق أجهزة السلطة الجمهورية، وما رافق ذلك من تمرد، انطلق العام 2004، ساندته وسائل إعلام موالية لإيران ووكلائها في المنطقة العربية، وكان مما ذكرته الرسالة أن مقاتلين حوثيين تلقوا تدريباتهم في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني.

 تعمقت علاقة بيت الحوثي مع الإيرانيين، بشكل مباشر، وغير مباشر من خلال استغلال رابطة الصداقة، والادعاء السلالي والتقارب الفكري والإيديولوجي مع بيت الوزير، وعلى رأسهم إبراهيم بن علي الوزير، وإبراهيم محمد الوزير صاحب مركز الدراسات الإسلامية، المدعوم من السفارة الإيرانية بصنعاء، وابنه أسعد الذي اعتنق المذهب الجعفري الإيراني، وتولى مع أبيه تفويج شباب يمنيين للدراسة في إيران، وكذلك مع بيت علي العماد وولده عصام الذي اعتنق أيضاً المذهب الجعفري، ويقيم في إيران منذ سنة 1990.

 تلك العلاقات بين بيت الحوثي وسلطات إيران انعكست في ارتباط تبعية وعلاقات أوسع تطورت أكثر مع حزب الله اللبناني الذي كان له دور مهم بعقد الصلة الحوثية بملالي إيران، وانسحبت على الحركة الحوثية عموماً عبر وسائل دعم عديدة أبرزها المجال العسكري.

 الوحدة 3800

 احتاج الإيرانيون تنويع أدواتهم لمضاعفة نفوذهم في العراق إثر الغزو الأمريكي عام 2003 فطلبوا إلى وكيلها الرئيسي في المنطقة العربية، حزب الله اللبناني، المساهمة في المهمة، فأنشأ الحزب "الوحدة 3800" لتدريب فصائل مسلحة شيعية في العراق، وإلى هذه الوحدة عهد الحرس الثوري الإيراني تولي المساعدة في مد نفوذ طهران في عدة دول عربية بينها اليمن، وزاد دور الوحدة مع تعيين أحد أهم القادة العسكريين في الحزب، والمقرب من أمينه العام حسن نصر الله، المدعو خليل حرب في العام 2012.

 وبحسب تقارير دولية رسيمة، ومؤسسات بحثية مهتمة بالشؤون العسكرية والاستخباراتية، أنيط بالوحدة 3800 التحويل المالي والتدريب العسكري لمليشيا الحوثي، فيما تولى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مسؤولية نقل الأسلحة المتطورة للمليشيا.

 وتزايد دور الحرس الثوري في اليمن مع وصول أحد القادة المهمين المدعو عبدالرضا شهلائي، المقرب من قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وأشارت صحيفة فرنسية متخصصة بالشأن الاستخباراتي إلى أن شهلائي يتواجد في اليمن مع 400 عنصر من الحرس الثوري وخبراء من حزب الله. وشهلائي متهم بالضلوع في عمليات إرهابية تخص الشرق الأوسط لحساب الحرس الثوري.

 شملت المساعدات الإيرانية العسكرية للحوثيين، التدريب، والتزويد بقطع أسلحة مهمة يعاد تركيبها في اليمن من خبراء فيلق القدس، بالإضافة إلى إنشاء بنية تحتية لتصنيع أسلحة تتركز في أنظمة مضادة للطائرات، وطائرات مسيرة، وصواريخ مضادة للسفن، وألغام بحرية وأرضية، وقوارب يتم التحكم بها عن بعد.

 وتقول التقارير إن التقنيات والقطع المستخدمة في أسلحة الحوثيين، إيرانية في حين الأغلفة الخارجية لها تصنع محليا من قبل المليشيا الحوثية.

 وكان مصدر موثوق أفاد أن ميدي، الواقعة ين الجزء الساحلي لمحافظة حجة، ومحافظة صعدة، معقل الحوثيين، كانت المنفذ الرئيسي لدخول شحنات الأسلحة وقطع ورش التصنيع الإيرانية إلى الحوثيين، وبعد تحريرها تحول النشاط الإيراني إلى موانئ مدينة الحديدة من خلال قوارب صغيرة.

 وبرياً، مثلت سلطنة عمان معبراً لقطع السلاح الإيراني إلى الحوثيين، وفي هذا المسار البري ضبطت أجهزة الأمن اليمنية عدة شحنات منها ما تم ضبطه نهاية العام الماضي من قطع طائرات مسيرة بمحافظة الجوف في طريقها إلى الحوثيين. غير ضبط شحنات أسلحة متجهة للحوثيين عبر البحر، إحداها كانت في سفينة جيهان الإيرانية في 2013، وكذا ضبط الأمريكيين خمس سفن بين منتصف إبريل وأكتوبر 2016، وفي ذات السنة ضبطت البحرية الفرنسية والأسترالية شحنات أسلحة إيرانية للحوثيين، ومؤخراً، في بداية ديسمبر الجاري أعلن الأمريكيون مصادرة سفينة إيرانية تحمل قطع صواريخ بالستية متطورة إلى المليشيا الحوثية.

 موالاة حوثية لسلطة ولاية الفقيه وصلت حد تحميل اليمنيين تبعات هجمات إيرانية على منشآت نفطية وتجارية، بتبني أعمال عدائية إيرانية آخرها الهجوم على منشآت حيوية لشركة أرامكو، كبرى شركات النفط في العالم.

 لم يكن لقاء الديلمي حاتمي إلا اعترافاً رسمياً بتبعية عسكرية حوثية لإيران عرفها العالم إلا المغرر بهم من اليمنيين المنخرطين مع المليشيا الحوثية.