م. مسعود أحمد زين

م. مسعود أحمد زين

تابعنى على

الحرب الأهلية وصاعق الأقاليم الستة

Friday 20 August 2021 الساعة 10:01 am

نجح مشروع الأقاليم الستة في تفجير الحرب ليس إلا، لأن الحرب الوجودية التي فجرتها الهضبة الزيدية كانت بسبب هذا القرار.

 الحرب الأهلية وعقر التنمية ومسخ مؤسسات الدولة وإذكاء الفتنة المجتمعية ربما كانت هدفاً لأطراف قد لا نعرفها وكان صاعق الأقاليم الستة سبب ذلك الانفجار.

 غير ذلك الهدف لم يتحقق شيء من مشروع الأقاليم خلال السنوات الثماني الماضية، ولن يتحقق مستقبلا ولو تضاعفت الثماني العجاف مرات متعاقبة، إذ أحكم الحوثي السيطرة على معظم الشمال كأمر واقع.

 ولم تنجح وصفة الأقلمة في تشطير القضية الجنوبية كمقدمة لدفنها وبقي الزخم الشعبي المدافع عنها متواجداً من عدن إلى المهرة. 

لذلك ربما وصل من كان يقف وراء هذه الوصفة إلى القناعة بفشلها جنوباً وذهب لخطة بديلة تتمثل في دغدغة رغبات المجتمعات المحلية بالجنوب بشكل منفصل ومنفرد وتحويلها لمشاريع جزر سياسية معزولة عن بعضها داخل الجنوب، ابتداءً من اللقاء التشاوري لقبائل أبين العام الماضي، مروراً بالتحالف الموحد لأبناء شبوة (شبوة أولاً) بداية هذا العام، ثم مشروع المجلس الأهلي لسلطنة يافع، وأخيراً مشروع دولة الصبيحة المستقلة.

 يدعي القائمون على المشاريع الثلاثة الأولى أنها ليست ضد أي مشروع سياسي جامع للجنوب، لكنها في الواقع تقف في طريق ذلك بعلم أو بدون علم، لسبب واضح  وهو أن الحجة المعلنة لقيام هذه المشاريع هي غياب دور مؤسسات الدولة في المحافظات الجنوبية.

وهذا السبب كافٍ جداً في أن يكون البديل هو مشروع وطني جامع لكل الجنوب يحفظ الأمن والاستقرار وليس الانزواء في حدود محافظة أو منطقة معينة، لأن ذلك لن يوفر لا أمناً ولا استقراراً في هذه المحافظة أو المنطقة إذا كان كل ما يحيط بها من مناطق ومحافظات غير مستقر ولا آمن.

 نعرف جميعاً أن القائمين على تلك المشاريع الثلاثة هم قادة أجلاء في وسطهم الاجتماعي وعلى مستوى الجنوب ويحظون بالتقدير والاحترام الكبير من غالبية شرائح المجتمع ومن اقترب من أي من تلك الشخصيات يعرف جيداً مكارم أخلاقها وعمق انتمائها الوطني  ومقدرتها على إنجاز ما هو أفضل من خيار التفكير في حدود المحافظة أو المنطقة.

 إذا كان المجلس الانتقالي أو أي مكون سياسي جنوبي آخر قائم ليس المنبر السياسي المناسب في نظرهم، فلماذا لا يتداعى هؤلاء القيادات المجتمعية وبقية زملائهم في بقية الجنوب لتقديم مشروع وطني بديل يجمع الجنوب ولا يفتته ويقدمونه للشارع الجنوبي.

 مثل هكذا مشروع (بغض النظر عن شكله السياسي جمهوري أو دستوري أو غيره) هو أدعى بأن يوصف بمشروع هادف للأمن والاستقرار، وهو أدعى بأن يحاجج عنه كبديل وطني لغياب مؤسسات الدولة.

لماذا لا تستفيد تلك القيادات المجتمعية من علاقاتها التقليدية مع العربية السعودية للضغط بتصحيح مسار الحرب وتخفيف توابعها الاقتصادية الطاحنة على المناطق المحررة؟

 أعتقد أن ذلك سوف يخدم أبناء مناطقهم في الداخل والمهجر وأبناء الوطن عموماً أكثر مما سيؤتيه أي مشروع سياسي في حدود منطقة منفردة.

لماذا لا يستعيدوا المبادرة ليكونوا صانعي سياسات في الجنوب بدلاً من تنفيذ سياسات مطروحة على الطاولة لأطراف أخرى؟

عن مشروع دولة أو إمارة الصبيحة، أعتقد أن الحديث عن أهمية قيام محافظة كاملة للصبيحة يمكن أن يكون أكثر واقعية وقابلاً للتعاطي المنطقي.

أما الحديث عن إنشاء دول جديدة بالقرب من أكثر الممرات المائية حساسية بالعالم هو حديث يستغل عاطفة المواطن الصبيحي لغرض استغلاله كمعول للتخريب بالمنطقة لعشرين أو ثلاثين سنة قادمة ولا يقدم له شيئاً قابلاً للتنفيذ.

 لا يوجد طرف في الشرق الأوسط مهما كان كبيراً لديه سلطات صرف تراخيص قيام دول جديدة أو شطب دول من الخارطة السياسية، وما زال العالم محكوماً حتى اليوم بسلطات النظام العالمي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وهم، حصراً، من يمتلكون هذا الاختصاص ولن يتجرأ أحد بالتطاول عليه.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك