د. عبدالملك المخلافي

د. عبدالملك المخلافي

تابعنى على

عن الإمامة والجمهورية

Wednesday 11 March 2020 الساعة 07:03 pm

• الإمامة ليست نظاما سياسيا أو نظام حكم من الأنظمة التي شهدها تاريخ العالم، الإمامة بكل مراحلها مزيج غريب من العنصرية والثيوقراطية والفاشية والتخلف والجهل والإبادة الجماعية والقتل وتدمير البنيان الإنساني والاجتماعي.

والحوثية أسوأ مراحل الإمامة لأنها كل ذلك محملة بأحدث الأسلحة.
‏• الجمهورية في اليمن لم تكن مجرد اختيار فكري أو سياسي بين نظام جمهوري ونظام ملكي، الجمهورية كانت اختيارا بين الإمامة بكل بشاعتها، وبين حق اليمني في الحياة وفي الحرية وفي الكرامة الإنسانية.
ومهما كانت مساوئ الأنظمة التي حكمت الجمهورية فلا يمكن أن نقارنها بالإمامة.

‏• من الصعب لعاقل يعرف تاريخ اليمن حقيقة أن يقبل بالإمامة كنظام حكم، مهما بلغت جبروت الحوثي، ويكون من الصعب على عاقل أن يقبل أي تبرير للتعايش مع نظام فكرته هي عدم التعايش مع الناس كبشر وإنما التعامل معهم كعبيد.

‏ومن المضحك المبكي أن يتم مقارنة أنظمة معاصرة ولو كانت دكتاتورية بالحوثي.
• رحم الله والدي، وهو رجل الدين والبعثي الذي عاش عصر الإمامة ومأساته وكان أحد المناضلين من اجل الانعتاق منها، إذ علمني منذ طفولتي أن الجمهورية كما كان يقول لي: هي امك وأبوك، وأن الإمامة اخرجت اليمنين من دين الإسلام، وأنهم بالجمهورية يستعيدون إنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم ودينهم.

‏• من حق أي إنسان أو كاتب أن يدعو إلى أي فكرة، وعلينا أن نحترم رأيه وما يدعو إليه، وعلينا أن نتعايش مع كل الأفكار بما في ذلك فكرة الإمامة إذا كان أصحابها سيدعون لها سلميا ويقبلون بارادة الناس، ولكن لا يجوز التضليل في طبيعة الإمامة والتي لا تقبل التعايش وتحمل فكرة الخروج والتغلب.

‏• من الكوارث التي شهدتها اليمن أنها انفردت بالإمامة عن كل سبل ووسائل الحكم في التاريخ الإسلامي فلا يوجد ما يشبهها في تاريخ المسلمين كله وفي مذاهب المسلمين جميعا المنقرضة والحية، وأنها بقيت بنفس الطبيعة لم تتطور الا وسائل التدمير التي تستخدمها، من عهد الرسي إلى عهد الحوثي.

‏• وإن لم تحكم الإمامة ألف ومئة عام فإنها شاغلت اليمنيين هذه المدة ومنعت استقرارهم ودمرت ما استطاعت بنيانهم ومدنهم، ومزقت وحدتهم، أما عندما كانت تحكم فانها تفعل أكثر من ذلك بكثير ونظام بيت حميد الدين ما زال قريبا لمن يريد أن يعرف والذي جعل اليمن بلدا لا يشبهه نظام في العالم في التخلف.

• حصلت على بداية ثقافتي الناصرية من والدي، رحمه الله، قال لي: لو لم يكن لعبدالناصر من حسنة الا مساندة ثورة سبتمبر وتدخله لدعم الشعب اليمني ضد الإمامة لكان هذا كافيًا لان نضعه في مصاف الاولياء.
‏وذات يوم اعترف لي: تركت البعث لأنهم نكاية في عبدالناصر لم يدعموا البعد الحقيقي للجمهورية.

* * *
• قال المبعوث الأممي رالف بانش وكان وسيطا في اليمن والكونغو وزار اليمن بداية الثورة لعبدالناصر: حسنا تدخلت سيدي الرئيس زرت الكونغو وعرفت بشاعة الاستعمار وزرت اليمن وتمنيت ان يكون قد حصل على قدر يسير من الاستعمار، هذا يعني ان الإمامة ابشع حتى من أسوأ استعمار وهذا بعد آخر للإمامة.

• الزعيم العربي الكبير المناضل هواري بو مدين عندما زار اليمن أدرك حجم التخلف الذي تعيشه بسبب الإمامة فقال بما معناه: لو كنت اعرف ان الوضع في اليمن بهذا السوء لتركت الجزائر وجئت للقتال هنا.

‏الإمامة ليست نظام حكم مختلفا عن الجمهورية ليست الملكية ولا حتى نظام عصري دكتاتوري.. إنها الدمار.
‏• لا نلوم ولا نعاتب من هو غير يمني إن لم يفهم كل ابعاد الإمامة وحاول أن يعطي لحركة الحوثي أبعادا عصرية خاصة أنها ليست بحاجة حاليا للتغطي بالملكية فهي يمكن ان تبقي على اسم الجمهورية.

‏ولكن من حقنا ان نعتب على أي يمني يضلل بإعطاء الحوثي بعدا عصريا، المعركة معركة وعي في مواجهة التضليل.

• ينطلق البعض في موقفه من مقارنات ساذجة للأوضاع الحالية في مناطق الحوثي ومناطق الشرعية ومن الحديث عن وضع الشرعية وعجزها وكل ما سببته الحرب من معاناة وعلينا أولا أن نتذكر أن كل هذا بسبب الحوثي وثانيا ليس علينا الانطلاق من سوء وضع موقت لبلد في حالة حرب لنرسخ الإمامة بسوئها الدائم.

‏• إن انتصرت الإمامة الحوثية الجديدة القديمة وتوقفت المقاومة والحرب سيشهد اليمن وشعبها ما هو أسوأ بكثير مما شهدته حتى منذ الانقلاب الحوثي المشؤوم وسيعود الشعب اليمني إلى تخلف بيت حميد الدين والتمزق والحروب المحلية والإبادة الجماعية والموت بالأوبئة، لذلك فان القضاء على الإمامة نصر للحياة.

‏• كل من يدعم حق اليمنيين في الانتصار واستعادة الدولة من يد هذه الفكرة الخبيثة والانقلاب الباغي والطغمة العنصرية الفاشية الكهنوتية للحوثي وفي المقدمة التحالف العربي سيسجل التاريخ له هذه النصرة، وعليه أن يدرك انه يقوم بدور إنساني سيخلده وأن الانتصار في هذه المعركة انتصار للإنسانية.

‏• من هو حريص على السلام وإنهاء الحرب في اليمن عليه أن يفضح فكرة الإمامة وتاريخها وأفعالها وينتصر عليها في معركة الوعي لكي تتضافر كل الجهود بما في ذلك جهود السلام لإجبار الحوثي للتخلي عن الإمامة والعنصرية والعمل كمكون سياسي طبيعي عصري وفقا للدستور والمرجعيات والنظام الجمهوري.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك