بلال الطيب

بلال الطيب

تابعنى على

الأئمة السلاليون والفقيه الخزفار

Wednesday 14 February 2024 الساعة 04:25 pm

الطغاة وعلى مدى التاريخ يَعملون على تَحسين صورهم، بتقريب الشخصيات الاعتبارية ذات الحضور الشعبي منهم، وتكليفهم بمناصب ظاهرها خدمة الرعية وباطنها اضفاء الشرعية على نظام حكمهم، وقد حاول الأئمة السلاليون كسب الفقيه حَمِيد الدِين الخزفار إلى صفهم، وعرضوا عليه بالمراسلة إدارة أوقاف المقاطرة، إلا أنَّه اقتدى بأبي حنيفة النعمان، ورفض ذلك المنصب، بعد رفضهم شروطه؛ الأمر الذي أغضب الطغاة، فأطلقوا عليه لقب (حميد الديك)، وشنعوا عليه أعظم تشنيع، واتهموه بالزندقة والجنون.

عاد الفقيه الخزفار بعد ذلك لممارسة دوره الإصلاحي، ولكن بحذر شديد؛ كون عيون الإماميين تترصد خطاه، أوعزوا لعملائهم اتهامه بتحريف الدين، وتهديد أمن المجتمع، ثم طاردوه من منطقة إلى أخرى، ليقع في الأخير بين أيديهم 1937م، بعد أنْ خسر أحد أفضل مُريديه، وكانت نهايته تمامًا كنهاية أبي حنيفة.

أسوأ لحظات عُمر الفقيه حميد الدين الخزفار آخرها، سُجلت فُصولها الكئيبة في دهاليز القلعة بصنعاء، السجن الذي نفاه الإماميون إليه؛ لاعتقادهم أنْ اختلاف المذهب وبُعد المـَوطن سيجعل تأثيره محدودا، ولن يتكرر ما حدث معهم بتعز. بصعوبة استطاع الفقيه الثائر ترويض محيطه الاجتماعي الجديد، وبفطنته كسب ثقة الأغلبية، وكان من أبرز رفقائه الشيخ صالح المقالح والد الشاعر عبد العزيز المقالح، وسيطه عند الإمام يحيى فيما بعد، إلا أنَّ ملك الموت كان أفتك وأسرع.

ودع الفقيه حميد الدين الخزفار الناس والحياة يوم 20 أبريل 1942م، عن 64 عامًا، وظلت سيرته الطيبة على ألسن محبيه، يلهجون بذكره وكراماته على الدوام، ويثنون على عطائه وتضحياته كيدًا للطغاة الحكام، الذين عملوا على تشويه سمعته، واحتقار نضاله، وختموا ذلك باتهامه بـالشيوعية، ولنا أنْ نتخيل روحه ترفرف هناك في الجنة التي طالما تغنى بها في أشعاره، حيث قال:

تزحزح يا فتــــــى فالســــــعي غــــالي

وشمر واجـتهــــــد هــيــــا تــــلفـــــلف

تحـرك وارتـــــــقـي نــحـــو الــمـعـــالي

وســـــابق ســـوف يـــنـــدم من تخلف

مـــــــقـامات العـلى فيــــها الـمجـــالي

فيــــــا سعــــد الــــذي فيــــها ترفرف

جنـان الوصـــل فــــــلا قيــــل وقــال

ســوى العشــق الغــزير هيا تحفحــف

من كتاب ( حرب العصيد.. جنايات يحيى حميد الدين على اليمنيين)، ص 166 - 167.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك