فهمي محمد

فهمي محمد

تابعنى على

الثورة والإنسانية

Monday 12 February 2024 الساعة 08:57 pm

الإهداء/ إلى ثوار 11 فبراير الذين ثاروا من أجل دولة الحرية والعدالة الاجتماعية

الثورة وإن كانت مصطلحاً حديث التسمية والتداول في أدبيات الفكر السياسي والاجتماعي، الا أنها وجدت تاريخياً مع الصيرورة الإنسانية التي تحولت إلى مفهوم سياسي واجتماعي يعكس قيم ومبادئ الحرية والعدالة، خصوصاً وأن الحرية والعدل أو العدالة هما جوهر وجود الإنسان ومناط تكليفه كمخلوق إنساني عاقل من دون سائر المخلوقات الحيوانية على هذه الأرض.

بمعنى آخر إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق بني آدم على أساس أنهم بشر أحرار في اختياراتهم وفكرهم حتى فيما يتعلق بعبوديتهم للخالق عز وجل من عدمها، فإنه في نفس الوقت قد كلفهم على أساس هذا الوجود الإنساني الحر والعاقل في مسألة تحقيق منهج العدل والعدالة بينهم بغض النظر كانوا مؤمنين بالله أو ملحدين غير مؤمنين به.

الأمر الذي يعني أن الحرية والعدالة هما محددات السنن الإلهية وحتى القانون الطبيعي المتعلق بالإنسانية وقيمها المتأصلة كمفهوم حضاري تقدمي بشري، بغض النظر عن دين الإنسان ومعتقداته، فالحرية والعدالة صنوان مرتبطان بنجاعة الإنسان واستقراره ومستقبله في الدنيا وليس في عالم الآخرة. 

وعطفا على ذلك فإن الثورة قد عبرت عن نفسها تاريخياً تحت مسميات مختلفة (الخروج، الفتنة، الانتفاضة... الخ) إلا أنها كانت في كل الأحوال تقدم نفسها كفعل رافض للواقع أو للممارسات التي تنتقص من حقوق الإنسان الطبيعية أو من القانون الطبيعي والسنن الإلهية التي ارتبطت بمحددات الإنسانية غير القابلة للانتقاص على هذه الأرض، ناهيك عما يأتي تحت مفهوم الحرية والعدالة من حقوق مكتسبة للإنسان في كل زمان ومكان تعد بحد ذاتها مداعاة للفعل الثوري في حال أن تم مصادرتها من قبل الإنسان أو من قبل السلطة الحاكمة.

إذا كان الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان في مسألة الحرية والعدالة بحيث أصبحت الحرية والعدالة بكل معانيها ومظاهرها هي المقدس الإنساني في عالم الإنسان، فإن المساس بهذا المقدس أو مصادرته من قبل الحاكم وسلطته يجعل الإنسان في كل زمان ومكان معنيا بممارسة الفعل الثوري في سبيل استعادة حريته وعدالته وإنسانيته المفقودة.

فالثورة وإن كانت لا تولد في الفراغ، إلا أن الفراغ الوحيد الذي يولد الثورة دائماً هو فراغ الإنسانية من محتواها الطبيعي في حياة الناس.