حسين حنشي

حسين حنشي

تابعنى على

سردية بوتين.. وأهمية التاريخ

Monday 12 February 2024 الساعة 09:51 am

قبل أكثر من عشرين عاماً قرأت كتاب "خريف الغضب" للكاتب المصري الشهير محمد حسنين هيكل، الذي تناول فيه حياة أعظم الزعماء العرب في القرن العشرين "بالنسبة لي" أنور السادات، ورغم أني خرجت بخلاصة أن هيكل يصفي حسابه مع السادات بعد موته وكنت إلى جانب السادات وليس هيكل في الختام إلا أن جملة من الكتاب علقت ببالي وهي قول هيكل (لا أستطيع أن أتفهم أن سياسيا في العالم لم يقرأ التاريخ فسياسي بدون التاريخ لديه نقص كبير).. علقت هذه العبارة بعقلي دائماً وكنت أقيم مدى حنكة السياسي بذخيرته التاريخية عندما يتحدث.

بعيداً وليس منفصلاً عن كتاب خريف الغضب الذي أغضبتني فيه جملة لهيكل يقول فيها: (عقدة النقص من ألون والأهل أصابت السادات بينما ألهمت أديبا علميا مثل الكيس هيلي لإبداع روية الجذور) وريت هذه الجملة وإن قدمت بطريقة راقية فيها من العنصرية والحقد الشيء الكثير.. بعيدا وليس مفصلا عن كل ذلك شاهدت لقاء بوتين مع الصحفي الأمريكي كارلسون في اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعتين.

حول الرئيس الروسي اللقاء إلى سرد تاريخي لتاريخ روسيا وأوكرانيا والدول المجاورة والتداخل الديموجرافي وتأثير الحروب في تشكيل الحدود وبدأت القصة منذ أكثر من ألف عام ثم نده على مساعد له ليأتيه بوثائق تاريخيّة مغلقة وعتيقة ليضعها بين يدي الصحفي الأمريكي واستمر في سرد التاريخ لأكثر من ساعة وأكثر من نصف اللقاء ليقدم سردية روسيا لجذور المشكلات حتى نهاية الاتحاد السوفييتي وتشكل الدول الناتجة عن تحلله..

كان سردا عظيما ومقنعا حقيقة وينم عن سياسي قارئ التاريخ وليس عن اعداد مكتب محترف فقط.. ثم انتقل إلى ما بعد الاتحاد السوفييتي وكيف حاولت روسيا يلتسن ثم روسيا بوتين في بداياته ان تدشن عهدا جديدا مع الغرب يتخطى الحرب الباردة وحتى حروب الوكالة الساخنة والمشتعلة منها وكيف ان الغرب هو من احبط كل ذلك المسعى الروسي ليقدم للمواطن الأمريكي اخلاقية موقف روسيا وغطرسة الموقف الغربي ويشرح سبب العنف الموجود حاليا..

ثم انتقل إلى الوضع الحالي شارحا كل ما دار ويدور بسلاسة ستحرج الأمريكيين وهم ينظرون الى رئيسهم الذي يتحدث عن المكسيكي السيسي وشرح مذاك وضع امريكا وما يتحمله دافع الضرائب وقتال امريكا للبقاء مهيمنة بينما العالم تكبر أقطابه، وتحدث عن البريكس وحجم اندونسيا وقبلها الصين..

أكملت لقاء بوتين وسألت نفسي عن التاريخ وأهمية السردية التاريخية في الإقناع بأخلاقية وعدالة المواقف، فهل قدم أحد من الشرعية وخصوم الحوثي للعالم سردية تاريخيّة عن تاريخ الإمامة مثلا؟ خصوصا واليمن يملك تاريخاً من بشاعة الامامة يفوق ما لدى بوتين والعرق السلافي كله. 

السؤال مطروح ولا إجابة.. 

من صفحة الكاتب على إكس