حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

عنصرية "الهامش" وعنصرية "المركز"!

Monday 26 December 2022 الساعة 07:26 pm

هل يعي العنصري عنصريته؟

يعتمد هذا على مستوى التطور الحضاري للمجتمع.

فرغم أن العنصرية سلوك شائع في البلدان المتخلفة والمتحضرة على السواء إلا أن هناك فارقين رئيسيين بينهما:-

الأول: أن العنصرية عند الشعوب المتحضرة انتقلت من مرحلة "اللاوعي" إلى مرحلة "الوعي". الأوربيون مثلا يعون أن كراهية الأجانب عنصرية، والأمريكيون يعون أن التمييز ضد السود عنصرية ويسعون لمحاربتها وتضييق هامشها. 

لكن تبقى فجوة واسعة أو ضيقة بين الفكر والسلوك.

الفارق الثاني: أن تلك المجتمعات حمت نفسها ضد العنصرية بضمانات تشريعية وقانونية تضمن المساواة بين الناس ومعاقبة السلوك العنصري التمييزي بعقوبات واضحة وفعالة.

في المجتمعات المتأخرة الوضع مأساوي.

فالعنصريات محمية بالتشريعات وبمؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة والمدرسة) وبالإعلام.

كما أن المتأخر لا يعي عنصرياته.

 إننا لا نعي أن استعلاءنا الديني عنصرية، واحتقارنا للمهن عنصرية، وسخريتنا من اللون عنصرية، ورفض زواج المسلم من غير المسلم عنصرية، ورفض الزواجات بين الطبقات والفئات عنصرية، وتحريمنا لتعزية غير المسلمين عنصرية، وقانون الكفيل وتبعاته عنصرية، والتفاخر بالأنساب ونقائها عنصرية، وخطابنا ضد اللاجئين المدنيين في بلداننا عنصرية، واستبدادنا بالأقليات الدينية والاجتماعية في بلداننا عنصرية، وتركيزنا على ألوان لاعبي المنتخبات الأوروبية عنصرية... إلى آخر القائمة الطويلة.

في كأس العالم الأخيرة حصرت العنصرية من الطرفين.

كانت العنصرية الأوروبية هي عنصرية الهامش ومحصورة في التعليقات على السوشيال ميديا وبعض مجموعات اليمين العنصري. بينما كانت عنصريتنا في المركز، وفي صلب الخطاب الأخلاقي والقانوني والديني.

المعركة ضد العنصرية طويلة في الشرق والغرب.

الأهم اليوم أن يكون لدينا الوعي والاستعداد لرفضها أمام ضميرنا وتجريمها أمام الدستور والقانون.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك