أحمد سيف حاشد
سلطة صنعاء والمدونة "الإلهية" لصناعة الكراهية..!!
"مدونة السلوك الوظيفي" ليست فقط مصادمة للدستور والقانون والعقل، بل هي أيضا فضيحة بكل المقاييس، ولكن الوهم والجهل والأيديولوجيا وسلطة القوة والتمكين حجب على معديها ومن دشنها والقائمين على تنفيذها إدراك هذه الفضيحة.
وأكثر من هذا وذاك فإنها في حقيقتها تتضمن ردة حضارية مهولة وبكل ما للكلمة من معنى تعيد شعبنا إلى ألف عام مضت.. إنها غير صالحة بالمرة للتنفيذ والتطبيق، حتى وإن تم تنفيذها تعسفاً بقوة السلطة؛ فإنها لن تدوم، بل ستظل عاراً على الجماعة التي استهلكت بالمدونة ما بقي لها من رصيد وادعاءات.
* * *
لمن يريد أن يفرض هذه الفضيحة على شعبنا نقول له:
لو كان لديكم ذرة عقل ما كنتم قدمتم هذه "المدونة المهزلة" بل الفضيحة المدوية، والتي كما يبدو أنكم لم تعوها بعد بدليل انبرى بعض من قادة الجماعة بالتصريح والدفاع عنها بقلة حياء، لا بقلة حيلة فقط.
لو كان لديكم ذرة عقل ما قدمتم هذه المدونة التي تريدون بها استعباد شعبنا وإذلاله واحتقاره ومصادرة أكثر من ستين عاما من نضالات شعبنا، وحركته الوطنية، ومنجزاتها المعرفية والقانونية والمؤسسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
* * *
إن اعتقدتم أنكم بهذه المدونة المهترئة التي تعود فكرتها للعهد العبودي الأول قادرون على فرضها بسلطة القوة، وتريدون من خلالها مصادرة وحدة وتنوع وحرية وحقوق شعبنا؛ فأنتم واهمون جداً، وأن كل ما تفعلونه هو مزيد من الانكشاف حتى بلغتكم فيه حد كشف العورة.
لم تكتفوا فيما ذهبتم إليه من الاستخفاف بشعبكم وإرغامه على العبودية، بل وذهبتم إلى أبعد من ذلك حد مغالطة ربكم الأعلى.
إنها قلة حيلة أظهرتكم على حقيقتكم للناس.
وقد أدرك الناس اليوم إلى أين أنتم ذاهبون، وفسدت معها كل الادعاءات التي لن تستطيعوا بعد اليوم خدعهم بها.
* * *
المحامون والقانونيون والمهتمون مدعوون لاستخدام الوسائل القانونية لإسقاط مدونة السلوك الوظيفي التي لا تؤدي فقط إلى المصادمة مع الدستور والقانون النافذ، بل وأيضا تنتج وتضخ كثيرا من الكراهية والأحقاد والضغائن.
* * *
"مدونة صناعة الكراهية"
إنه أقرب توصيف لمدونة السلوك الوظيفي بل هو جوهرها.
* * *
وزير الإعلام (في حكومة صنعاء) ضيف الله الشامي قيادي في الجماعة يقول لنا:
"لمن يشنون هجوم على مدونة السلوك الوظيفي مشكلتكم مع الله وتوجيهاته، وليست مع أنصار......"
هذه الجُرأة التي تتملك الله، وتتحدث باسمه، وتكفر من لا يرى ما تراه الجماعة.
هذا الغلو وهذا التكفير المعلن لم نكن نتصوره أن يأتي من قيادي في الجماعة.
من أين لهذا الوزير كل هذا الغلو، وهذا التكفير المعلن الذي لم نكن نتصوره، وأن يأتي على هذا النحو الفج من قيادي فيها.
منطق الفقيه الغارق في الأدلجة والتشدد، والتي اقتطعت له الجماعة إحدى وزاراتها المهمة في حكومتها ليعترش منصب الوزير فيها.
ماذا عسانا أن ننتظر من فقيه متزمت بمنصب وزير يصادر ويتعسف الإذاعات الخاصة لمجرد أنها لا توالي الجماعة، أو أنها تغنّي ولا يروقه اتجاهها، أو يتوجس منها، ومن دورها في المستقبل الذي تخطط له جماعته.
هذا الوزير الذي ما زلنا ننتظر رده المكتوب على أسئلتنا النيابية منذ أربعة أشهر.
* * *
قيادي إعلامي منهم وأحد مثقفيهم ومن على قناة بلقيس، يوجب فصل ليس فقط من لا يوالي الله ورسوله، ولكن أيضا وجوب فصل كل علماني من الوظيفة العامة..!
الانتقال بالوظيفة العامة من غنيمة حرب إلى غنيمة لجماعة محددة بذاتها أمر لا تجعلنا نشعر بالخوف على المستقبل، بل تجعلنا نشعر بالقادم المريع.
تطبيق المدونة تزيد من اعتقادنا بحدوث كارثة حقيقية تحل بالوظيفة العامة، بعد سبع سنوات طوال من صبر الموظفين فيها، والذين باتوا مهددين بالفصل من وظائفهم والإحلال بديلا عنهم منهم إن تم تطبيق هذه المدونة الكارثية.
* * *
انتقد الصحفي مجدي عقبة العامل في صحيفة الثورة بصنعاء "مدونة السلوك الوظيفي" في تويتر، لا سيما ما يخص تطييف الوظيفة العامة، وصبغ المجتمع بلون واحد، وعلاقة الولاية بالسلوك الوظيفي، وأعرب عن رفضه محاولات استبدال القوانين بنصوص خاصة بجماعة أو حزب.
فبماذا رد رئيسه "رئيس مؤسسة الثورة للصحافة والنشر"؟!
رد بقوله:
"أرفضها في بيتكم مش في الوظيفة".
تصوروا هذا الاستعلاء و"العنطزة" تصدر من مسؤول ضد مرؤوسه لمجرد رأي في بعض محتويات "مدونة السلوك الوظيفي" لا سيما تلك التي تمس حقوقه في الصميم، فكيف يا ترى سيكون تعامله مع الموظف عندما يتم تطبيق وإنفاد ما ورد في تلك المدونة؟!
إن المسؤولين للأسف لا يميزون بين عقد العمل وصك العبودية، وهذا ينبئ بكارثة قادمة على صعيد الوظيفة العامة.
* * *
أصاب صديقي مجدي عقبه وهو يصف المدونة بسخرية وهشتاح "المدونة الإلهية"..
ومع ذلك كشف العديد من قادة الجماعة ومنظريها انهم يتعاطون معها على ذلك النحو، وأكثر من هذا يريدون فرضها على شعبنا وموظفينا بالقوة والغلبة والسلطة.
هذا التعاطي لا يدل إلا عن جهل مطبق بالعصر، وأكثر منه بالتراكم القانوني والسياسي والمعرفي لستين عاما مضت من تاريخ شعبنا.
الايديولوجيا عندما تكون مسنودة بالوهم والحماقة والغلبة بعيداً عن الواقع والوعي يكون الفشل مضاعفا دون شك.
* * *
بعد هذه المدونة الفضيحة انكشف الحال والمحال.. والمحال هنا أنكم لن تحكموا 80% من اليمن بعد فضيحة المدونة وصكوك الاستعباد.
شعبنا الذي بات يرفضكم بعد المدونة في صنعاء، سيرفضكم في تعز وعدن وحضرموت وأبين ولحج وشبوة والمهرة وسقطرى.
لقد ظهر منكم ما بطن في هذه المدونة المريعة، وظهر منكم كل مريع.
"الاحتلال" بأسوأ ما فيه من قبح ودمامة قد تفوقتم اليوم عليه، وعلى نحو لم يكن بحسبان.
ومع ذلك وبعد هذه المدونة لا بأس أن نقول بحذر:
"الاحتلال والاستعباد وجهان لعملة واحدة" كما قالها صديقي النقي.
* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيسبوك
