م. مسعود أحمد زين

م. مسعود أحمد زين

تابعنى على

صولجان الحكم شمالاً.. تحالف القبيلة والإمامة الزيدية

Sunday 30 January 2022 الساعة 09:36 am

الحقيقة التاريخية التي يتجنب الكثير الحديث عنها أو محاولة فهمها حتى يمكن التعامل معها بشكل بنّاء ومفيد للجميع هي في وجود نفس التركيبة الاجتماعية في الهضبة الزيدية منذ 1200 سنة تقريبا بعلاقة راسخة بين الزيدية (القبلية) والزيدية (الدينية).

 تحالف بين القبيلة (حاشد وبكيل أساسا) وبين الطبقة الدينة (الإمامة الزيدية) وتناوب في الحكم والسلطة للجناح الأقوى فيهما كمنظومة تحكم الهضبة ولا تسمح لأي طرف ثالث دخيل في ذلك، وتمد سيطرتها خارج نطاق الهضبة إلى حيث تستطيع الوصول جنوبا أو شرقا أو غربا.

 هكذا عبر مراحل التاريخ ومنعطفاته يحمل صولجان الحكم الجناح الزيدي الأقوى (دينيا أو قبليا) ويسنده الطرف الآخر ويحرس بعضهما الآخر ويدافع عنه من أي طرف خارجي.

في التاريخ الحديث عندما قامت ثورة 26 سبتمبر 1962 أسقطت الزيدية الدينية من الحكم بدايةً لكن الزيدية القبلية كانت حريصة على أن تكون هي البديل الجمهوري بدلا عن النظام الزيدي الإمامي بالرغم من أن المهندس الحقيقي لتلك الثورة من خارج الهضبة وانتهى في جبهات القتال ضد فلول الإمامة (الشهيد علي عبدالمغني).. مثلما انتهى لاحقا ابن المناطق الوسطى القائد الحقيقي ضد حصار صنعاء الشهير مسحولا في شوارعها على يد زملائه الجمهوريين من قبائل الهضبة الزيدية (الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب).

 هذه هي الحقيقة الاجتماعية والمعادلة السياسية منذ مئات السنين في صنعاء، تعاضد قبلي ديني للحفاظ على الحكم وتبادل الأدوار وامتصاص الصدمات واحتوائها.

 حيث قدمت مصر عبدالناصر حوالي 55 ألفا من نخبة جيشها للقتال باليمن دعما للجمهورية لسنوات، لكن هذا التخادم القبلي والديني كلف مصر آلاف الشهداء واختلالا كبيرا في أمنها القومي أمام العدو الصهيوني وخسارة سيناء، وانتهى الأمر باتفاق صلح بين الجمهوريين والملكيين وتقاسم الحكم بينهما من جديد.

بينما في نفس الفترة لم يقدم الجيش المصري أكثر من كميات محدودة من الأسلحة والذخائر لثوار الجنوب وتدريب مئات منهم فقط في تعز أو القاهرة واستطاعوا بذلك تحرير أرضهم من المستعمر البريطاني وجلائه منها قبل الوقت المحدد.

اليوم تعيد هذه الاعتبارات نفسها في تفسير مجريات الحرب:

 هناك حاكم ديني في صنعاء (السيد الحوثي)  وبالمقابل هناك قيادة عسكرية قبلية من ذات الهضبة تتحكم في قرار ما يسمى بالجيش الوطني.

الهدف واضح: منع أي طرف ثالث من حكم صنعاء وبقية الجمهورية.

وعلى ضخامة دعم قوات التحالف العربي لهذا الجيش لكن الواقع يعيد نفس التجربة المصرية (امتصاص لصدمة التغيير واحتواء الحليف واستنزافه ثم الانقلاب عليه).

بينما بالمقابل استطاعت القوات الجنوبية تحقيق انتصار ناجز وتحرير الجنوب بأقل نسبة من ذلك الدعم العربي.

سوف تستمر هذه الحرب سنوات دون تقدم إذا بقي قرار القوات التابعة للحكومة بشكل مطلق بيد قيادات الهضبة الزيدية ولن تتحرر أي منطقة إلا إذا تحرر القرار العسكري فيها وأصبح بيد أبنائها في مأرب أو البيضاء أو أي محافظة أخرى.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك