روسيا تعاني في أوكرانيا وإيران تتباهى في صنعاء.. وهمُ القوة بين طهران وموسكو

تقارير - Saturday 24 September 2022 الساعة 07:43 am
صنعاء، نيوزيمن، عمار علي أحمد:

في خطابٍ أثار الخوف والهلع في العالم، لوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، باستخدام الأسلحة النووية لحماية "وحدة روسيا وشعبها"، متهماً الغرب بالتورط في عملية "استفزاز نووية"، محذّراً إياهم بأنه "لم يخادع عندما قال إنه مستعد لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن روسيا".

بوتين أعلن في خطابه بأنه وقع مرسوما بالتعبئة العسكرية الجزئية التي تعني أمر الاستدعاء لنحو 300 ألف من جنود الاحتياط العسكري، في خطوة تعدّ الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، وتأتي على وقع الانتكاسة التي لحقت بالجيش الروسي في حربه على أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية.

حيث تمكنت القوات الأوكرانية من استعادة السيطرة على مدن رئيسية وقرى في منطقة خاركيف الشمالية وبمساحة تتجاوز 10 آلاف كم مربع خلال أقل من أسبوعين، أثر انهيار مفاجئ لدفاعات القوات الروسية التي باتت اليوم في موقع ضعيف بعد 7 أشهر من عمر الحرب داخل أوكرانيا، أو من عمر "عملية عسكرية خاصة"، كما أسماها بوتين عند انطلاقها أواخر فبراير الماضي.

انهيار يراه مراقبون نتيجة طبيعية لطول فترة هذه العملية العسكرية وتحولها إلى حرب استنزاف للجيش الروسي جراء صمود الجيش الأوكراني، مدعوماً بقيادته السياسية التي أدارت المواجهة من داخل العاصمة كييف وأجبرت جحافل الجيش الروسي على الانسحاب من ضواحيها منتصف أبريل الماضي بعد ما تعرضت له آلياته من مجزرة مروعة بفعل أحدث الأسلحة المضادة للدروع المقدمة من الغرب.

يقف الرئيس الروسي اليوم على حصاد عمليته العسكرية في أوكرانيا وهي تدخل شهرها الثامن دون تحقيق أي من أهدافها، فلا سلاح أوكرانيا تم نزعه بل تم تعزيزه بأحدث الأسلحة الغربية، ولم يسيطر جيشه على إلا على نحو 20% من مساحتها، بل إن إقليم الدونباس (الناطقين بالروسية) الذي كان أهم ذرائعه للحرب لم يسيطر عليها الجيش الروسي بالكامل حتى اليوم.

يدرك بوتين حجم المأزق الذي بات يعيشه اليوم بفشل حربه ضد أوكرانيا مع بوادر تشير إلى فشل آخر أوراقه التي كان يراهن عليها في إخضاع الغرب وأوروبا تحديداً، وهي ورقة قطع الغاز، مع التحركات الأوروبية لاحتواء أزمة الطاقة خلال الشتاء القادم من خلال تقليل حجم الاستهلاك بنحو 15% والنجاح بشكل كبير في توفير احتياجات دول القارة من الغاز للشتاء بعيداً عن الغاز الروسي.

محصلة تعمق من الأزمة التي يعيشها الرجل وباتت فيها بقاء نفوذ وقوة روسيا على المحك، وأن الانتصار في أوكرانيا أصبح مسألة "حياة أو موت" بالنسبة له، وأن الانسحاب من الحرب ليس أحد خياراته، كما يقول تقرير لمجلة "نيوزويك" الأميركية، ما يفسر حجم المخاوف العالمية من أن يلجأ الرجل "يائساً" إلى استخدام السلاح النووي.

هذا المشهد القادم من موسكو، يكاد يتطابق في عدة أوجه مع المشهد القادم من صنعاء التي شهدت في ذات الوقت عرضاً عسكرياً لجماعة الحوثي احتفالاً بالذكرى الثامنة لسيطرتها على صنعاء ومؤسسات الدولة في سبتمبر 2014م وانطلقت بعد ذلك للسيطرة على باقي المحافظات ما فجر الحرب في البلاد منذ ذلك التاريخ.

العرض العسكري الذي حاولت فيه الجماعة إيصال رسالة بأنها لا تزال تمتلك القوة، لا يمكن له أن يغطي على حقيقة واقعها بعد 8 سنوات من إشعالها للحرب وما حصدته من خيار القوة لفرض حكمها على اليمنيين.

خيار أوصلها اليوم إلى السيطرة على رقعة جغرافية تمثل أقل من ربع مساحة البلاد تفاوض اليوم على عدد من الرحلات المدنية لمطار واحد تسيطر عليه فيها وعلى عدد من السفن النفطية تصل لميناء واحد، أما السكان الواقعون تحت سيطرتها فهم مهددون بالمجاعة كما تقول التقارير الأممية.

ورغم هذا الحصاد المر لا تزال جماعة الحوثي ترى في خيار القوة والسلاح الخيار الوحيد لفرض حكمها على الداخل واللغة الوحيدة لإجبار الخارج على التعامل معها وتنفيذ رغباتها، كرجل مجنون يحمل قنبلة في يده ويحتجز ملايين الرهائن.