من الحديدة إلى مارب.. هدن الأمم المتحدة تمنح ذراع إيران مكاسب عسكرية واقتصادية

تقارير - Thursday 19 May 2022 الساعة 08:32 pm
مأرب، نيوزيمن، خاص:

تستمر الأمم المتحدة عبر مبعوثيها إلى اليمن في منح ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران، مكاسب سياسية وعسكرية على حساب الحكومة الشرعية التي تضطر لتقديم التنازلات تلو الأخرى تحت دواع إنسانية.

وكان للأمم المتحدة دور كبير في إنقاذ الميليشيات الحوثية في أكثر من مرة، حيث كانت تسارع مع كل انتكاسة إلى فرض هدن إنسانية إطارها العام إحلال السلام، تستفيد منها الميليشيات في إعادة ترتيب وضعها عسكرياً واقتصادياً.

في المقابل تستمر الشرعية في تقديم التنازلات التي لا تطال منها سوى تعنت الميليشيات الإيرانية وخسارة المزيد من المساحات المحررة، في حين يعتبر المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر جراء هذا الصراع الذي ترعاه الأمم المتحدة لصالح الميليشيات بشكل علني وواضح.

موقع (نيوزيمن) رصد العديد من المكاسب التي حققتها الميليشيات خلال هذه الهدن، والتي كانت بداية في الهدنة العسكرية ضمن اتفاق السويد الذي جاء بالتزامن مع قرب تحرير ميناء الحديدة من سيطرة الميليشيات.

هذا الاتفاق الذي جاء برعاية مباشرة من أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غويتريش، استفادت منه الميليشيات الحوثية عسكرياً بإيقاف عملية تحرير الحديدة بعد أن طوقتها القوات المشتركة من مختلف الجهات، بل أجبرتها على التراجع عشرات الكيلومترات تحت مسمى إقامة منطقة بيضاء، وهي ذات المنطقة التي أعادت الميلشيات الحوثية السيطرة عليها بتواطؤ أممي.

كما سمح الاتفاق للميليشيات بإعادة تمركز قواتها وتعزيزها وحفر الخنادق وزرع الألغام التي شملت حتى المنازل والعمارات والمرافق الحكومية وكذا أرصفة ميناء الحديدة، وهو ما يعني أن انطلاق أي معركة قادمة ستكون خسائرها أكبر وفترتها أطول.

مكاسب الميليشيات من هذه الهدنة لم تتوقف عند الجانب العسكري، بل حصلت الميليشيات على مكاسب اقتصادية تمثلت في نهب عائدات ميناء الحديدة التي قدرت بـ35 مليار ريال يمني وكانت مخصصة لرواتب الموظفين المتوقفة منذ قرابة ست سنوات.

واعترف المبعوث الأممي السابق إلى اليمن، مارتن غريفيث، في منتصف يوليو 2020م أن الأمم المتحدة رعت في العام 2019 ترتيبات مع الحوثيين لتخصيص عائدات ميناء الحديدة المحصلة من عائدات الجمارك والوقود وغيرها من السلع عبر فتح حساب في البنك المركزي بـ"الحديدة"، لسداد رواتب موظفي الخدمة المدنية في المحافظة وباقي مناطق اليمن، وأن الميليشيات قامت بسحب المبلغ بشكل أحادي.

وكانت الحكومة، وافقت في أكتوبر 2019 على إدخال سفن الوقود إلى المناطق الخاضعة للحوثيين، عبر ميناء الحديدة، شريطة التزام الجماعة بدفع الرسوم الضريبية والجمركية إلى حساب خاص في البنك المركزي اليمني (فرع الحديدة)، وتخصيصها لصرف مرتبات المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي.

>> المليشيات تنفذ حيلة عسكرية للوصول إلى مواقع حاكمة شمال غرب تعز

في المقابل لم تحقق الحكومة الشرعية من اتفاق السويد والهدنة التي تضمنها أي مكاسب، بل تحولت هذه الهدنة إلى حمل ثقيل على القوات المشتركة المرابطة على حدود الحديدة والتي كانت تتعرض لهجمات يومية أسفرت أحدها عن مقتل أحد مراقبي سير تنفيذ الهدنة في الفريق الحكومي، وهي جريمة لم تتحرك الأمم المتحدة لإدانة الحوثيين عليها، والتزمت الصمت كعادتها.

الهدنة الأخرى التي كانت مكسباً للميليشيات الحوثية، هي الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة مؤخراً وبدأ سريانها في الثاني من إبريل الماضي على أن تستمر لمدة شهرين قابلة للتمديد.

ففي هذه الهدنة استطاعت الميلشيات الحوثية إعادة ترتيب صفوف عناصرها المرتبكة على حدود مأرب وتعزيزها بالمقاتلين والعتاد العسكري المتوسط والثقيل، مستغلة توقف تحليق الطيران الحربي للتحالف العربي بحسب ما نصت عليه الهدنة، إلى جانب استمرارها في استهداف مواقع الشرعية والمناطق المحررة بالطائرات المسيرة المفخخة ورصاص القناصة التي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات.

وكالعادة حققت الميليشيات مكاسب اقتصادية بدخول العشرات من ناقلات النفط إلى ميناء الحديدة، التي قامت ببيع حمولتها في السوق السوداء بمبالغ باهظة لتعوض خسائرها التي تكبدتها خلال الفترة الماضية.

كما استفادت الميليشيات من ضغوط الأمم المتحدة على مجلس القيادة الرئاسي، التي أثمرت عن فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات التجارية وسمحت لحاملي الجوازات الصادرة من مناطق الميليشيات الحوثية بالسفر، وذلك تحت مسمى "الدواعي الإنسانية".

في المقابل لم تحرز الحكومة الشرعية أي مكاسب من هذه الهدنة سوى تقديم المزيد من التنازلات، التي قابلها تصاعد التعنت الحوثي الرافض لرفع الحصار عن تعز أو فتح الطرقات الرئيسية الرابطة بين المحافظات.

وبهذا الصدد، يقول الإعلامي والصحفي، توفيق السامعي: "سيصل اليمنيون إلى طريق مسدود مع الحوثيين بشأن السلام وفتح معابر تعز في ظل تواطؤ دولي، ولن يجدوا أمامهم سوى أن يبذلوا جهدهم في كسر حصار تعز والاعتماد على أنفسهم، فما حك جلدك مثل ظفرك".

وأضاف. "رأيتم التعنت الحوثي في ذلك من خلال تصريحات البرميل ميجالو الأخير بشأن تعز ومعابرها. ورأيتم ردهم وتعنتهم العام في السلام؛ طالبوا بتغيير هادي ومحسن للدخول في السلام ولما استقالا تقديما لمنفعة بلادهم عاد الحوثيون بالقول: لا يعترفون برشاد العليمي واتفاق ستوكهولم كان مع هادي فقط!!".

ويرى السامعي في منشور على حسابه في الفيسبوك، أنه لا يمكن لوم الميليشيات على هذا التلاعب كونهم عصابة إجرامية لها أهدافها الخاصة وتعمل على تنفيذ أجندتها، لكن الملامة على من لم يتعلم منها طيلة 18 عاما من المكر والغدر والخديعة.